
وقالت مصادر متابعة إن «نصار حاول إقناع الحاضرين بأن الهدف من التعميم هو حماية لبنان من إدراجه على اللائحة السوداء ومنع عمليات تبييض الأموال، وأن مهمة كاتب العدل تقتصر على منع أي شخص أدرج اسمه على لوائح العقوبات من إجراء المعاملات ذات الطابع المالي، كالبيع والشراء، والتدقيق في مصدر الأموال»، مؤكداً أن «الهدف من التعميم هو منع تبييض الأموال وليس الاستهداف السياسي».
إلا أن جهات قانونية أوضحت لـ«الأخبار» رداً على تبريرات وزير العدل، أنه يحق للأخير إصدار تعاميم تنظيمية لتنظيم سير العمل داخل وزارته، «لكن هذه الصلاحية ليست مطلقة»، مؤكدة أنه «لا يجوز للتعميم إضافة شروط أو قيود غير منصوص عليها في القانون، وإلا أصبح قراراً تنظيمياً قابلاً للطعن أمام مجلس شورى الدولة». وأضافت أن «كتّاب العدل يخضعون لإشراف الوزارة، لكنهم ليسوا موظفين، وأي قرار يمس تنظيم مهنتهم يجب أن يُناقش مع مجلس كتّاب العدل لتفادي النزاعات. لذلك، يجب أن يوازن التعميم بين الالتزام بالمعايير الدولية وحماية الحقوق الدستورية، خصوصاً حرية التملك والحق في الدفاع».
فضلاً عن ذلك، صحيح أن القانون 44/2015 المتعلّق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، يفرض على فئات مهنية عديدة – من بينها كتّاب العدل – التأكد من هوية العملاء والإبلاغ عن العمليات المشبوهة، لكنه لا ينص على حرمان الأشخاص المدرجين في لوائح العقوبات الخارجية من حقهم في التعاقد أو نقل الملكية ما لم تصدر بحقهم أحكام قضائية محلية. وبالتالي، فإن اشتراط التعميم الامتناع عن تنظيم المعاملات قد يُعدّ تجاوزاً لنص القانون.
كذلك المادة 6 من القانون الجهات غير المصرفية، بما فيها كتّاب العدل، باتخاذ تدابير العناية الواجبة والتحقق من هوية أصحاب الحق الاقتصادي عند إجراء معاملات تتجاوز مبلغاً معيناً، لكنها لا تحوّلهم إلى أجهزة تحقيق جنائي. وهذا يعني أن التعميم ذهب أبعد من نص القانون في الإلزام والتحقق.
وإذا صحّ ما يدّعيه وزير العدل، فـ «من الأفضل أن يصدر الأمر بقانون من مجلس النواب حتى يتوافر له السند الدستوري». علمًا أن نص التعميم «جاء شاملاً لجهة المعاملات والوكالات ولم يقتصر على المعاملات المالية فقط»، كما أن مصطلح «المعاملات المالية» يشمل كل أنواع المعاملات بلا حصر. علاوة على ذلك، فإن ترتيبات الأشخاص المجمدة أصولهم توجب تفرغهم عن الأسهم أو الحصص أو إدارة بعض الشركات، بينما يمنعهم تعميم وزير العدل ضمناً من ذلك. وبالتالي، يحوّل التعميم العقوبات من مجرد تجميد أصول وحسابات مصرفية إلى إعدام الأهلية القانونية للأشخاص المعنيين، ويحرمهم من أي حق في المراجعة.