لم تعد الضغوط التي تتعرض لها الحكومة لفرض سلطتها على كامل أراضيها، تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت إلى الداخل حيث برز ضغط في الإتجاه المعاكس، من خلال محاولات أطرافٍ محلية وإقليمية الإطاحة بكل ما تحقق على مدى الأشهر الماضية وتحديداً منذ 27 تشرين الثاني الماضي.

ووفق أوساط دبلوماسية مطلعة، فإن التشدد الإيراني في الحديث عن سلاح “حزب الله” والذي يأتي من بيروت بعدما بدأ في طهران، يؤذن بمرحلة صعبة من التجاذبات الدولية – الإيرانية، سيكون الملف اللبناني وسلاح الحزب ورقةً أساسية فيها، وهو أمرّ لم يعد خافياً على أي جهة داخلية وخارجية.

وتقول الأوساط الدبلوماسية ل”ليبانون ديبايت”، إن تقاطعاً لافتاً قد سُجل أخيراً بين المواقف الإيرانية من جهة وتحركات الحزب في الشارع من جهة أخرى، وذلك لجهة فرض معادلة أمرٍ واقع على الحكومة وعلى العهد، كما كان عليه الحال في عهود سابقة، ما أعاد إلى الأذهان المعادلات التي فرضتها الوصاية السورية على لبنان خلال سنوات مضت، حيث كانت تزرع الإنقسامات بين اللبنانيين وتتدخل من أجل صياغة تسويات سياسية واتفاقاتٍ تؤمن مصالحها الخاصة على حساب مصالح اللبنانيين جميعاً من دون استثناء وبمن فيهم من كانوا حلفاء لها.

وتذهب الأوساط الدبلوماسية إلى الإعتبار بأن تأثير التجاذبات الداخلية قد طال صورة لبنان في نيويورك، حيث اختبر لبنان الرسمي حجم الإهتمام الدولي كما العربي والأوروبي وخصوصاً الأميركي بملفات إقليمية على حساب الملف اللبناني، إذ أن 3 أحداثٍ كبرى قد خطفت الإهتمام الدولي وهي الإعتراف بالدولة الفلسطينية واجتماع القادة الغربيين والعرب المسلمين من أجل وقف الحرب في غزة والسلطة السورية الجديدة بعدما خطف الرئيس السوري أحمد الشرع الاضواء.

والأخطر في هذا المجال، وتحذر منه هذه الأوساط، هو أن يترك المجتمع الدولي الملف اللبناني، بمعنى إلحاقه بملفات المنطقة الرئيسية، نتيجة ما يطرحه اللبنانيون من مقارباتٍ تعزز صورة الإنقسام الداخلي وتنعكس على كل الخطوات الهادفة إلى استعادة سيادة وقدرة الدولة على تأمين انتظام عمل المؤسسات والإنتقال إلى مرحلة إعادة بناء هذه المؤسسات من أجل إعداد الأرضية المناسبة لإعادة الإعمار والخروج من نفق الأزمات المتنوعة والمتراكمة وأبرزها المعيشية منها والصحية والتربوية والبيئية وغيرها.