ذكر موقع “Responsible Statecraft” الأميركي أن “التصريحات الأخيرة التي أدلى بها السفير الأميركي في تركيا توم برّاك حول ضرورة نزع سلاح حـ.ـزب الله أثارت دهشة الزعماء اللبنانيين، الذين يشعرون بالقلق من أن أي محاولة بالقوة لتنفيذ رغبات واشنطن قد تؤدي إلى انزلاق البلاد إلى عنف طائفي متجدد وربما حتى حرب أهلية. وقال برّاك، الذي يشغل أيضًا منصب المبعوث الخاص إلى سوريا، في مقابلة إعلامية حديثة: “ألا نريد تسليح الجيش اللبناني ليتمكن من محاربة إسرائيل؟ لا أعتقد ذلك”. وأعرب السفير عن إحباطه من فشل الحكومة اللبنانية في التحرك ضد حـ.ـزب الله، محذرا من أن “القدس ستتولى أمر حـ.ـزب الله نيابة عنكم”.”
وبحسب الموقع، “أثارت تصريحات برّاك عاصفة من الغضب في بيروت. وقال رئيس الوزراء نواف سلام إنه “تفاجأ” بتصريحات برّاك، ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب من كل الأراضي اللبنانية التي احتلتها منذ الخريف الماضي ووقف غاراتها الجوية المستمرة ضد أهداف مزعومة لحزب الله في جنوب لبنان، والتي أسفرت إحداها عن مقتل أربعة مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال، الأسبوع الماضي. من جانبه، اتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الحليف المقرب لحزب الله، برّاك بمحاولة تحويل الجيش اللبناني إلى “حارس حدود لإسرائيل”، في حين أكد الرئيس جوزاف عون أن نزع سلاح حـ.ـزب الله بالقوة غير وارد حالياً وأنه ملتزم بالحفاظ على وحدة البلاد”.وتابع الموقع، “في حين أن برّاك معروف بصراحته، فلا شك أنه يتحدث باسم إدارة تسببت في تنفير جزء كبير من العالم العربي بسبب دعمها غير المشروط تقريبا للحملة العسكرية الدموية التي تشنها إسرائيل في غزة. في الواقع، فإن إعادة تعيين مورغان أورتاغوس نائبةً للمبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط الشهر الماضي تدعم الرأي القائل بأن واشنطن الآن منحازة تمامًا إلى القدس بشأن لبنان أيضًا، وقد أفادت التقارير أن إسرائيل ضغطت على الإدارة الأميركية لتسليم أورتاغوس ملف لبنان في وقت سابق من هذا العام”.وأضاف الموقع، “يُبرز موقف برّاك جهل واشنطن، أو تجاهلها الصريح، لحقيقة أساسية، وهي أن المسألة تتجاوز مجرد نزع سلاح جماعة تُصنّفها منظمة إرهابية، بل يجب النظر إلى سلاح حـ.ـزب الله في السياق الأوسع للمشهد الطائفي المُعقّد في لبنان، لا سيما مخاوف ومشاعر الشيعة، أكبر طائفة طائفية في البلاد. وتكشف استطلاعات الرأي الأخيرة أن حـ.ـزب الله لا يزال يحظى بدعم ساحق بين الشيعة اللبنانيين، بعد فوزه الساحق في الدوائر الانتخابية الشيعية في انتخابات كانون الثاني الماضي. وأظهر استطلاع للرأي أجراه المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، التابع لحزب الله، أن 58% من المشاركين، بمن فيهم أكثر من 95% من الشيعة، يعارضون نزع سلاح الحزب دون تعزيز قدرة لبنان على الردع. وبدت نتائجه متوافقة مع استطلاع آخر أجرته شركة المعلومات الدولية المستقلة أواخر الشهر الماضي. وقد وجد أن 58% من أصل ألف مشارك عارضوا تسليم حـ.ـزب الله لسلاحه دون ضمانات بانسحاب إسرائيل من كل الأراضي اللبنانية ووقف انتهاكاتها للسيادة اللبنانية. ومن بين المشاركين الشيعة، أيد 96% هذا الرأي، وكذلك غالبية المشاركين الدروز”.وبحسب الموقع، “على هذه الخلفية، ينبغي لنا أن ننظر إلى إحجام الزعماء السياسيين اللبنانيين عن اتخاذ نهج أكثر حزما تجاه نزع سلاح حـ.ـزب الله باعتباره محاولة لتجنب الصراع المدني وليس تنازلا لحزب الله. وأشار مايكل يونغ من مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت إلى أن أي محاولة من جانب القوات المسلحة اللبنانية لنزع سلاح الحزب بالقوة سوف تقابل بمقاومة شرسة ليس فقط من جانب حـ.ـزب الله، بل من جانب شريحة كبيرة من السكان الشيعة أيضاً. وحذر يونغ من أن “حرباً أهلية تستفزها الولايات المتحدة ضد حـ.ـزب الله وتؤدي إلى طريق مسدود قاتل هي أكثر خطورة بكثير من التقدم ببطء والتوصل في نهاية المطاف إلى تسوية مؤقتة مع الحزب تتجنب الصراع الداخلي”. ,بدّد برّاك نفسه هذه المخاوف، قائلاً: “أعلم أن المسؤولين اللبنانيين لا يريدون حربًا أهلية. لن تكون هناك حرب أهلية. حـ.ـزب الله في أسوأ حالاته في التاريخ”، مؤكدًا استعداد واشنطن للمساعدة”.وتابع الموقع، “يعتقد بعض الخبراء أن نزع السلاح إلى حد ما أمر قابل للتحقيق، بشرط أن تكون العملية تدريجية ومحدودة. وقالت مريم فريدة، مؤلفة كتاب “الدين وحزب الله”، للموقع: “لا أعتقد أن حـ.ـزب الله سيفتح حرباً أهلية لأنه سيجد نفسه خاسراً على هذه الجبهة وعليه أن يكون استراتيجياً كما هو الحال دائماً”. وأضافت “إن الديناميكيات المتغيرة مع الدعم الإقليمي والمحلي ستسمح بنزع السلاح على مراحل، حتى لو كان رمزيا، كما حدث مع المخيمات الفلسطينية”، في إشارة إلى تسليم الأسلحة مؤخرا إلى الجيش في العديد من مخيمات اللاجئين حول بيروت. ومع ذلك، فمن الآمن أن نقول إن الضغط على القوات المسلحة اللبنانية لنزع سلاح حـ.ـزب الله يحمل في طياته خطر الصراع الداخلي، وخاصة إذا تم ذلك على عجل ودون تنازلات إسرائيلية متبادلة. وفي حين لا توجد سجلات لبنانية رسمية للتحقق من التركيبة الطائفية للجيش، فإن مركز أبحاث ألما الإسرائيلي يقدر أن السنة يشكلون ما بين 35-45% من الجيش، والشيعة ما بين 40-50%، مع توزيع الباقي بين المسيحيين والدروز. ولذلك فمن المتوقع أن يتولى الجنود السنة المهمة الشاقة إذا حاول الجيش نزع سلاح حـ.ـزب الله بالقوة، وهو ما يثير احتمال اندلاع القتال بين الجنود السنة والشيعة”.وأضاف الموقع، “وصف برّاك الجيش بأنه “سني في معظمه”، مما أثار تكهنات بين البعض بأنه يشجع الصراع السني الشيعي، على الرغم من رفضه لاحتمال اندلاع حرب أهلية. إن السيناريو المشابه للوضع في سوريا يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة للزعماء اللبنانيين، ومن بينهم المسيحيون، خاصة في ضوء نجاح تنظيم الدولة الإسلامية في تكثيف هجماته في سوريا مؤخراً، بما في ذلك التفجير الانتحاري في كنيسة أرثوذكسية يونانية في دمشق في حزيران الماضي والذي أسفر عن مقتل 25 شخصاً على الأقل. وبحسب صحافي لبناني على اتصال وثيق مع رئاسة الجمهورية وتحدث مع الموقع شريطة عدم الكشف عن هويته، فإن هذا يشكل عاملاً مهماً وراء إحجام الرئيس عون عن مواجهة حـ.ـزب الله بالقوة. وأضاف أن “الرئيس لا يريد خلق حالة من عدم التوازن يتم فيها تمكين السنة على حساب الشيعة”. وأقرّ برّاك بأنّ استمرار احتلال إسرائيل للأراضي اللبنانية، وغاراتها الجوية المتكررة ضدّ أهداف مزعومة لحزب الله، وكذلك في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، لا يُعزّز فرص نزع سلاحه. وعندما سُئل عن الحوافز التي يملكها حـ.ـزب الله لنزع سلاحه، أجاب: “لا شيء”.”