أشعلت خطوة حـ.ـزب الله بإضاءة صخرة الروشة بصورتي أمينيه العامين السابقين الشهيدين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين سجالاً سياسياً وإعلامياً، رأت فيه أوساط سياسية عاصفة مفتعلة لم تكن في محلها.
بدا رئيس الحكومة نواف سلام وكأنه في قلب مأزق شخصي بعد هذه الخطوة، فألغى مواعيده الرسمية في السراي الحكومي، قبل أن يستقبل عدداً من النواب والوزراء تضامناً معه، ثم دعا أعضاء حكومته إلى اجتماع تشاوري بدا في ظاهره محاولة لإظهار الحزم، لكنه في الجوهر كشف ارتباكاً في إدارة الأزمة. فبدلاً من معالجة جوهر المشكلة المتمثل في “حصرية السلاح”، انشغلت الحكومة بتفاصيل جانبية حول “الإضاءة الرمزية”، لتبدو وكأنها تلهو بالقشور وتغضّ النظر عن الأساس.وكان في متناول سلام، بحسب مصادر سياسية، أن يكلف وزير الداخلية بمتابعة الموضوع، لكنه اختار الطريق الأعوج وأصر على قرار متسرع، سرعان ما انكشف ضعفه. خرج ببيان ثانٍ بعد انتهاء الفعالية عكس انفعالاً وارتجالاً، ثم أتبع ذلك ببيان ثالث زاد الأمور سوءاً، حين لجأ إلى مقاطعة استعراضية تمثلت بإلغاء مواعيده ووصفت بأنها خطوة غير مقبولة ومستهجنة، عكست ضيق صدر في مقاربة الملفات الوطنية، وبدل أن يتحمّل مسؤولياته كرئيس حكومة، لجأ إلى إشراك وزيري الداخلية أحمد الحجار والدفاع ميشال منسى في الأزمة، في محاولة لرمي كرة النار في حضن الجيش والأجهزة الأمنية، ودفعهما لمطاردة منظّمي الفعالية وتوقيفهم. وهو مشهد لم يُقرأ إلا كتنصل من المسؤولية القيادة.انتهى الاجتماع الوزاري التشاوري في السراي أمس ببيان شدد على ضرورة حماية هيبة الدولة وصون قراراتها، بينما حاول نائب رئيس الحكومة طارق متري من خلال البيان الذي تلاه ترميم صورة رئيس الحكومة والتخفيف من وطأة قراراته، ولو شكلياً. وأفيد أن قرارا اتخذ بسحب الترخيص من الجمعية التي طلبت إذناً للتظاهرة.وفي الوقت الذي انخرطت فيه قنوات سياسية في مشاورات لاحتواء التداعيات وتفادي انفجار أزمة في لحظة سياسية بالغة الحساسية، شددت مصادر دبلوماسية على أن مواقف سلام لم تكن نتيجة ضغوط أو ايحاءات أميركية، إذ لم يتلق أي إشعار خارجي. فالرسالة الوحيدة التي يسمعها من العواصم المعنية هي المطالبة بإنهاء ملف السلاح غير الشرعي، لا الغرق في قضايا ثانوية لا تمس جوهر الأزمة اللبنانية.
ووصفت المصادر السياسية تهويل المحيطين بسلام باحتمال اعتكافه أو استقالته بأنه مجرد “هوبرة سياسية”، مؤكدة أن قراراً كهذا ليس في يده أصلاً، وأن بقاءه في السراي محكوم بقرار خارجي يفرض استمراره.كما استغربت هذه المصادر محاولاته تحميل الجيش والقوى الأمنية مسؤولية ما حصل، مع أن الفعالية تدخل في صلاحيات محافظة بيروت وبلديتها. فالجيش لم يكلَّف بمنع النشاط أو فضّه، بل اقتصر دوره على حفظ الأمن ومنع الاحتكاك، وهو ما أنجزه بالكامل. لذلك، لم يكن اجتماع سلام مع وزراء الدفاع والداخلية والعدل عادل نصار هادئاً ، خصوصاً بعد أن عبر وزير الدفاع عن رفضه القاطع لإلقاء تبعات الشارع على الجيش، مؤكداً أن مهمة المؤسسة العسكرية كانت وستبقى درء الفتنة وترسيخ الوحدة الوطنية ومنع انزلاق الوضع إلى مهاوي التصادم.