
كتبت” الاخبار”: بدأت نتائج الإدارة السيئة على المدى السنوات الماضية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالظهور. فتُرك المستخدمون فريسة للانهيار النقدي والمصرفي، واهتراء الهيكل الإداري، وإفلاس الضمان، كلّها عوامل أدّت إلى ظهور مستخدمين في الضمان يستغلون قدرتهم على الوصول لأموال المضمونين، وعدم وجود الرقابة اللاحقة على العمليات المالية، فضلاً عن إمكانية اختراع وتسجيل أعمال طبية وهمية ليتمكنوا من اختلاس الأموال وتحقيق مداخيل إضافية. «اعتبري أني أصبحت خارج البلد وفخار يكسر بعضه»، هكذا أجابت المحاسبة ليلى عبد النور في مركز الضمان في بتغرين على طلب رئيسة المركز عندما طلبت منها إبقاء هاتفها مفتوحاً، لأنّ التفتيش الإداري سيتواصل معها على إثر إقفال المركز لاستكمال التحقيقات في اختلاس أموال للمضمونين، وصلت قيمتها إلى 120 ألف دولار.
بحسب تقرير أولي أحيل إلى المديرية المالية، مصلحة القضايا، للدراسة والادعاء أمام القضاء المختص، طلب التفتيش الادعاء على المستخدمة ليلى عبد النور التي تعمل بصفة محاسبة في مكتب الضمان الاجتماعي في بتغرين، وعلى كلّ من يظهره التحقيق فاعلاً أو متدخلاً أو شريكاً في «الاستفادة المالية من التقديمات الصحية لعدد من المضمونين من دون علمهم».بدأت قصة الملاحقة القضائية لعدد من المستخدمين في مكتب بتغرين باتصال من إحدى المضمونات بالتفتيش الإداري في نهاية آب الماضي، وادعت المضمونة فيه «تقديم معاملات صحية أدّت إلى تحقيق استفادة مالية على اسمها في مكتب بتغرين من دون علمها».وعلى الإثر، وفي مطلع أيلول الجاري، انتقل مفتشون من الضمان الاجتماعي إلى مكتب بتغرين، ليتبيّن أنّ رئيسة المكتب والمحاسبة التي ادعي عليها ليلى عبد النور في إجازة إدارية. وبعد الطلب من رئيسة المكتب الحضور، حضرت، وبوجود عدد من المستخدمين، اتصلت رئيسة المكتب بالمحاسبة ليلى عبد النور، وطلبت منها الحضور. لكنّها أجابت بأنّها غير قادرة.وخلال التحقيق، سلّم المفتشون رئيسة المكتب المعاملات الصحية العائدة للمضمونة المدعية، وطلبوا منها تسليمهم كامل أرشيف المضمونة. إلا أنّ رئيسة المكتب لم تجد المعاملات الصحية، ووعدت في المقابل بتسليم المعاملات في وقت لاحق. وبعد مرور 4 أيام، قام التفتيش بمراجعة رئيسة المكتب حول أرشيف المضمونة، فأجابت بأنّها لم تنجزها بعد.ثمّ لجأ المفتشون إلى التوسع في التحقيق، فراجعوا سجلات المكننة لمتابعة المعاملات الصحية للمضمونة وغيرها من المضمونين في مكتب بتغرين، فوجدوا معاملات صحية لعدد من المضمونين مطابقة للمضمونة المدعية، من ناحية رقم العمل الطبي، وأسماء الأطباء المعالجين، والمركز الطبي.وهنا، بدأت الأرقام غير المنطقية، والتي تشير إلى وجود تزوير بالظهور. على سبيل المثال، سجل إجراء 22 عملية تنظير في معاملة واحدة لمريض واحد، وفي ذات اليوم، ما زاد من شكوك المفتشين. عندها، قاموا بمراجعة المراقب المالي، فأفادت بأنّها «لا توقع على معظم كشوفات حساب معاملات التقديمات الصحية لأنّ المحاسبة ليلى عبد النور كانت لا تعمل من مكتبها». ولدى عرض المفتشين على المراقب المالي المعاملات المشكوك فيها، نفى إمكانية أن تكون هذه المعاملات مرّت عليه. أما رئيسة مكتب بتغرين، فأكّدت للمفتشين أنّها توقع على عدد من الشيكات، على بياض، وبحدود 13 شيكاً، كلّ يوم صباحاً. وهذا ما دأبت على فعله منذ تسلّمها لعملها عام 2018. ويأتي تصرفها هذا بطلب من المحاسبة ليلى عبد النور، والتي تقوم بنفسها بإصدار الشيكات وتسليمها للمضمونين. وبطلب من عبد النور أيضاً، تقوم رئيسة مركز بتغرين بالتوقيع، في نهاية كلّ يوم، على كشوفات الحساب الفورية الخاصة بالتقديمات الصحية من دون إرفاقها بالمعاملات العائدة لها. وتعيد رئيسة المركز سبب قيامها بهذه الأعمال إلى «الثقة بينها وبين باقي المستخدمين».