بدأت اليوم الاثنين محاكمة النائب الأول لرئيس جنوب السودان ريك مشار، وسط إجراءات أمنية مشددة في العاصمة جوبا، في خطوة وُصفت بأنها قد تهدد اتفاق السلام الهش وتعيد شبح الحرب الأهلية إلى البلاد.

ظهر مشار خلف القضبان مرتدياً حلة داكنة وربطة عنق زرقاء، في أول ظهور علني له منذ وضعه قيد الإقامة الجبرية في آذار الماضي. وجرت المحاكمة في قاعة مناسبات تُستخدم عادة للأعراس والاحتفالات، بحضور إعلامي محدود اقتصر على هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية.وقد دفع محاميه جيري رايموندو ليج بعدم اختصاص المحكمة، معتبراً أن المحاكمة “غير دستورية وغير قانونية وغير شرعية”، لأن مشار لا يزال يتمتع بحصانة منصبه كنائب أول للرئيس. وطالب بالإفراج الفوري عنه وعن سبعة من حلفائه، من بينهم وزير النفط، مشدداً على أن احتجازهم تم “بشكل غير دستوري”.في المقابل، وصف المدعي العام دفاع المحامي بأنه “ضعيف وبلا أساس”، مؤكداً أن التهم الموجهة لمشار تقوم على “دعمه ميليشيا الجيش الأبيض”، وهي مجموعة مسلحة عرقية من شباب قبيلة النوير، خلال اشتباكات وقعت في مارس الماضي في بلدة الناصر شمال شرق البلاد، وأسفرت عن مقتل عشرات المدنيين وتشريد أكثر من 80 ألف شخص.العلاقة بين مشار والرئيس سلفا كير متوترة منذ أكثر من ثلاثة عقود، إذ اندلعت حرب أهلية مدمرة بين عامي 2013 و2018 بين أنصار الطرفين، قوات قبيلة النوير بقيادة مشار، ومقاتلي قبيلة الدينكا الموالين لكير، وانتهت باتفاق سلام هش نص على تقاسم السلطة بينهما.لكن الخلافات الأخيرة وتجميد مشار عن العمل بمرسوم رئاسي هذا الشهر، ثم إحالته إلى المحاكمة، أعادت المخاوف من انهيار الاتفاق وتجدد القتال، خصوصاً أن جنوب السودان يعاني من هشاشة سياسية واقتصادية وأزمات إنسانية خانقة.ويواجه مشار وأكثر من 20 من حلفائه اتهامات تشمل “القتل، والخيانة، وجرائم ضد الإنسانية”، استناداً إلى مزاعم تورطهم في هجمات نفذتها ميليشيا “الجيش الأبيض” ضد قوات حكومية ومدنيين.ويرى مراقبون أن المحاكمة ليست مجرد قضية قانونية، بل هي اختبار لمستقبل الاستقرار في جنوب السودان، حيث قد يؤدي أي تصعيد سياسي أو عسكري إلى عودة البلاد إلى أتون الحرب الأهلية.