
في تحوّل غير مسبوق، أعلنت المفوضية الأوروبية عن حزمة تدابير عقابية تستهدف حكومة بنيامين نتنياهو، تشمل فرض عقوبات على وزراء ومستوطنين متطرفين وتعليق التسهيلات التجارية الممنوحة لإسرائيل. وتُعد هذه الإجراءات المحاولة الأكثر جدية من جانب بروكسل لفرض عواقب ملموسة على سلوك الحكومة الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية.
رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، التي طالما وُصفت بأنها ميالة لإسرائيل، قالت هذه المرة بوضوح: “الأحداث المروعة في غزة يجب أن تتوقف”، مؤكدةً تمسك الاتحاد الأوروبي بحل الدولتين الذي “تقوّضه تصرفات الحكومة الإسرائيلية الاستيطانية الأخيرة”.تشمل التدابير المقترحة إعادة فرض معدلات الدولة الأكثر رعاية على صادرات إسرائيلية بقيمة 5.8 مليار يورو، إلى جانب عقوبات شخصية على المسؤولين عن السياسات التحريضية، في رسالة تعتبرها بروكسل بمثابة نقطة تحوّل في نهجها تجاه تل أبيب.غير أن خبراء يرون أن الحزمة ما تزال متأخرة وغير مكتملة، إذ تغيب عنها خطوة محورية تتمثل في فرض حظر شامل على التجارة مع مستوطنات الضفة الغربية، رغم أن خمس دول أوروبية – من بينها هولندا وإيرلندا وسلوفينيا وبلجيكا وإسبانيا – اتخذت خطوات أحادية بهذا الاتجاه.كما يلفت محللون إلى أن إجراءات المفوضية تجاهلت استمرار تدفق الأسلحة من دول الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى التزام بروكسل بواجباتها القانونية وفق اتفاقية منع الإبادة الجماعية والقانون الدولي. وأشاروا إلى أن محكمة العدل الدولية كانت قد أكدت العام الماضي على ضرورة توقف جميع الدول عن أي دعم يسهّل نظام الاستيطان.يرى مراقبون أن تشدد المفوضية الأوروبية جاء نتيجة مباشرة لسياسات نتنياهو اليمينية، التي دفعت حتى أكثر المؤسسات الأوروبية تأييداً لإسرائيل إلى تغيير موقفها. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن بلاده سترد على أي خطوة أوروبية، في مؤشر على اتساع الهوة بين الجانبين.ورغم أن الخطوات الأوروبية الحالية تُعد بداية ضرورية لمواءمة الخطاب مع الفعل، إلا أن خبراء يؤكدون أن الاتحاد الأوروبي لن يكون قادراً على استعادة مصداقيته إلا إذا مضى قدماً نحو حظر تجارة المستوطنات ووقف صادرات السلاح، معتبرين أن “زمن أنصاف الحلول قد ولّى”. (responsible statecraft)