وقع لبنان وسوريا بتاريخ 22/5/1991 معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق”، أُلحِقت بعدها بعشرات من الاتفاقيات.

واستنادًا إلى نص المادة 52 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، تعتبر المعاهدة باطلة إذا تمّ إبرامها نتيجة التهديد أو استخدام القوّة في انتهاك للمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتّحدة.
وكتب سعيد مالك في” نداء الوطن”:
ثابتٌ أن لبنان دخل عام 1990 ونتيجة اتفاق أميركي سعودي سوري، وكمكافأة لسوريا، عهد الوصاية السورية، الذي كان بالفِعل إحتـ.ـلالًا.
وبالتالي، فرضت الجمهورية السورية على الدولة اللبنانية سلطتها، وتمكّنت من إرغامها على توقيع معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق معها تحت تأثير الإكراه الواقع على الدولة ذاتها. وقد كان القانون الدولي التقليدي يعترف لهذه المعاهدات بالمشروعية.
Napoletana Guido violensa e trattati nel diritto internasionale, Milano, Guiffrè 1977.غير أن معاهدة فيينا لقانون المعاهدات، غيّرت هذا المفهوم، واعتبرت أن هكذا معاهدات لا مشروعية لها، ويُمكن إبطالها ضمن آلية محددة.
وبالعودة إلى اتفاقية فيينا المذكورة، يتبيّن جليًّا أنه ولإبطال المعاهدات الموّقعة تحت تأثير الإكراه، آلية مُلزمة واجب اتّباعها. تبدأ وسندًا للمادة 65 من هذه الاتفاقية بإخطار توجّهه الدولة اللبنانية إلى الدولة السورية تُعلمها وبموجبه رغبتها في إبطال هذه المعاهدة وأسباب ذلك. وللجمهورية السورية مهلة ثلاثة أشهر للجواب على هذا الإخطار. وبحال التلكّؤ، للدولة اللبنانية المُباشرة بالإجراءات وفق نص المادة 67 وما يليها من اتفاقية فيينا.وبالتالي، خارطة الطريق توصُّلاً لتعديل المعاهدة والاتّفاقات المُلحقة أم إبطالها تبقى:
توجيه كتاب من الحكومة اللبنانية إلى نظيرتها السورية، لإعلامها برغبتها في تعديل هذه المعاهدة أم إبطالها مع بيان أسباب ذلك. وإمهالها ثلاثة أشهر لتحديد الموقف من ذلك.
وبحال تجاوب الحكومة السورية، توقيع عقد تفاوض بين الحكومة اللبنانية ونظيرتها السورية، مع مهلة زمنية للتوصُّل إلى تعديل ما يَلزم بحال التمكن ، وإلّا الاتفاق على آلية الإبطال بالتراضي.وبحال عدم تجاوب الحكومة السورية، أو عدم نجاح المفاوضات، اللجوء إلى أحكام اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 سيما المادة 65 وما يليها منها.
بالخُلاصة، إما تعديل المعاهدة بالتراضي، لا سيما إلغاء “المجلس الأعلى” (المنصوص عنه في المادة السادسة من المعاهدة) وإمّا اللجوء إلى اتفاقية فيينا لإبطال المعاهدة، إحقاقًا للحق واستعادةً لسيادة الدولة.
الاتفاقيات  السارية بين البلدينوكتبت دوللي بشعلاني في” الديار”:لا شكّ بأنّ الحدود بين لبنان وسورية مرسّمة منذ أن أعلن المندوب السامي للإنتداب الفرنسي الجنرال هنري غورو قيام دولة لبنان الكبير. ولترسيم حدود هذه الدولة أصدر قبلها بيوم واحد المرسوم رقم 318 اعتمد خلالها الحدود القائمة على أساس التقسيمات العثمانية. ورغم الاتفاقيات والمحاضر التي وُقّعت تِباعاً بين الدولتين خلال السنوات المتعاقبة، لم يتمّ إنهاء مسألة ترسيم الحدود البريّة والبحرية بين البلدين لأسباب سياسية، وعدم صدور أي محضر أخير لكلّ هذه الإتفاقيات مع الوثائق والخرائط يّرسل الى الأمم المتحدة لتثبيت هذه الحدود عسكرياً على الأرض بشكل نهائي. واليوم مع توافر القرار الدولي في الأمم المتحدة لترسيم الحدود بين دول المنطقة، ومع تغيّر النظام في سورية، لا ينقص اكتمال هذا الملف، بريّاً وبحريّاً، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، سوى وجود نيّة صافية وإرادة داخلية لبنانية-سورية فعلية، لا تُعيقها أي شروط. فضلاً عن منع تدخّل “إسرائيل” في مفاوضات الترسيم هذه سيما وأنها طامعة في الاستيلاء على أجزاء من أراضي هذه الدولة أو تلك، وترفض أي ترسيم لحدود دول المنطقة بل تريد إسقاطها جميعها لإقامة دولتها الكبرى التي تحلم بها منذ عقود. وتكتسي مسألة ترسيم الحدود بين لبنان وسورية، على ما تؤكّد المصادر السياسية، أبعاداً تاريخيّة وسياسية وإقتصادية، وديبلوماسية وإجتماعية عديدة. كما تجاذبتها، ولا تزال، شروط عديدة ومعوقات حالت دون تثبيتها، لا سيما مع النظام السوري القديم الذي كان يرفض حتى إثارة فكرة ترسيم الحدود بين البلدين، والذي لم يبتّ أمر لبنانية مزارع شبعا المحتلّة عند الحدود الجنوبية. ويُقسم الترسيم بين لبنان وسورية، على ما هو معلوم، إلى برّي وبحري. ويُنتظر وضع هذا الملف على طاولة المحادثات المرتقبة بين الوفد السوري الأمني التقني  والوفد اللبناني الجاهز لبدء مفاوضات الترسيم مع سورية. ويدخل هذا الأمر ضمن عنوان “العلاقات اللبنانية -السورية” المدرج على الورقة الأميركية التي حملها المبعوث الاميركي توم برّاك إلى لبنان ووافقت عليه الحكومة اللبنانية بعد إدخال بعض التعديلات عليها. أمّا في ما يتعلّق بالترسيم البحري، فيُمكن الحديث عن وجود “ربط نزاع” بين لبنان وسورية بشأنه. فقد قام لبنان في العام 2007 بترسيم حدود منطقته الاقتصادية الخالصة بشكل آحادي، وأودع مرسوم الترسيم لدى الأمم المتحدة في العام 2011. وأعتمد خلاله القواعد والمعايير المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ولا سيما قاعدة خط الوسط. أمّا سورية، فقد سجّلت اعتراضها على الترسيم اللبناني في العام 2014، وأودعته لدى الأمم المتحدة. وقامت بدورها بترسيم آحادي حدود منطقتها الاقتصادية الخالصة مع لبنان، واعتمدت مبدأ خط العرض. الأمر الذي خلق منطقة نزاع بحرية بين البلدين تتداخل مع البلوك 1 اللبناني، تبلغ مساحتها نحو 750 كلم2. وما عقّد الأمور أكثر هو مصادقة البرلمان السوري في العام 2021 على العقد الموقّع مع شركة “كابيتال” الروسية قبل سنة، والذي يمنح الشركة المذكورة الحقّ الحصري للتنقيب عن النفط والغاز في البلوكات السورية الحدودية الثلاثة، والتي يتداخل من ضمنها البلوك 1 مع البلوكات اللبنانية الشمالية. ويُنتظر اليوم ما سيحمله الوفد السوري إلى لبنان في ما يتعلّق بملف ترسيم الحدود البريّة والبحرية بين البلدين. الأمر الذي سيكشف نوايا سورية الجديدة في المرحلة المقبلة، وإذا ما كانت فعلاً تريد حلّ الأزمات القائمة والعالقة بين البلدين، أم أنّها تريد استخدام هذه الأخيرة كورقة مهمّة في ملف التسوية الشاملة في المنطقة، ودورها المستقبلي فيها، وإعادة إعمار كلّ من البلدين. واليوم إذا حصل الترسيم مع سورية، على ما تعقّب المصادر، سيتمّ الإنتقال إلى ترسيم الحدود، بحسب الورقة الأميركية، مع فلسطين المحتلّة أي مع “إسرائيل”… غير أنّ ذلك الأمر لن يحصل قبل تطبيق قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة. والترسيم هنا يطال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر المحتلّة. وتعمل واشنطن وفق ورقتها، بأن يتمّ حصر السلاح وترسيم الحدود مع سورية، على أن تُنتزع مزارع شبعا من لبنان، إذ يُحكى بأنّه ثمّة توافق بين أميركا وسورية على ألّا يُقرّ السوريون بلبنانيتها. أمّا الهدف فهو سحب ذريعة المقـ.ـاومة من يدّ حـ.ـزب الله. غير أنّ كلام الشرع عن أنّه: “لتنسحب “إسرائيل” من المزارع ولن نختلف مع لبنان عليها”، ينفي هذا الأمر بشكل قاطع.