
كتبت امل شموني في” نداء الوطن”: أبدت الولايات المتحدة اهتمامًا بالغًا بالتطورات اللبنانية الأخيرة، واعتبرت أن لبنان يمر في لحظة حاسمة. وأشارت المصادر الأميركية، التي رحبت بما نتج عن جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في الخامس من أيلول لجهة مناقشة خطة قائد الجيش رودولف هيكل بحصر السلاح بيد الدولة، إلى أن واشنطن ستقدم دعمًا قويًا للحكومة اللبنانية في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والمواجهات المستمرة.
ولفتت إلى أن موقف واشنطن ينبع من معرفتها بما تحمله هذه الخطة والخطوات الناتجة عنها من تداعيات على الاستقرار اللبناني وبسط سيادة الدولة وصولًا إلى تعزيز القدرات العملياتية للجيش. ووصفت المصادر قرارات الحكومة اللبنانية التي بدأت بالصدور في 5 آب وكان آخرها في 5 أيلول بالمهمة وغير المسبوقة وتؤسس لدمج الجماعات اللبنانية الخارجة عن عباءة الدولة في إطار اجتماعي أوسع يظلله القانون، مما يعكس تحولًا مهما نحو تأكيد سيطرة الدولة في ظل الواقع المعقد للضغوط الداخلية والخارجية.
واهتمام واشنطن بهذه التطورات بدأ من قمة الهرم. فالرئيس دونالد ترامب، الذي يفخر بأصدقائه اللبنانيين، أسرّ إلى أنه مهتم شخصيًا بالتحولات الإيجابية في لبنان، وأعطى توجيهات واضحة لدعم الحكومة اللبنانية بقوة لتدابيرها الرامية إلى مواجهة النفوذ الإيراني، لا سيما من خلال وضع حد لـ “حـ.ـزب الله”.
في السياق عينه، تؤكد التصريحات الأخيرة الصادرة عن مسؤولين أميركيين، بمن فيهم نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض آنا كيلي، والسيناتوران جيم ريش وجين شاهين وعضو الكونغرس جو ويلسون، التزام واشنطن بتعزيز الاستقرار في لبنان من خلال الحث على نزع كل السلاح غير الشرعي وخصوصًا سلاح “حـ.ـزب الله”.
من جانب آخر، لفتت مصادر عسكرية أميركية إلى أن الجيش سيتحرك ضمن حدود إمكانياته وأن والجانب الأميركي سيسعى إلى مساعدته للحفاظ على المرونة اللازمة للتكيّف حسب الضرورة سعيًا لترسيخ سلطة الدولة على السلاح المتفلت. وقال المصدر إن الجيش اللبناني أمام التزامات كبيرة لتحقيق توازن بين الحفاظ على السيادة وإدارة التهديدات الداخلية والخارجية.
في هذا السياق، تأتي أهمية رد الولايات المتحدة على المشهد السياسي المُتغير في لبنان. فقد أوضحت نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، إجراءات إدارة ترامب الهادفة إلى مواجهة نفوذ وكلاء إيران، وخاصة “حـ.ـزب الله”. وتُظهر استراتيجيات العقوبات التي تستهدف شخصيات رئيسية مرتبطة بـ “الحزب” ومن يدور في فلكه، التزامًا أميركيًا بالحد من نفوذ إيران في المنطقة.
في غضون ذلك، أعرب عضوا مجلس الشيوخ الأميركي جيم ريش وجين شاهين عن مخاوفهما بشأن سلاح “حـ.ـزب الله”، وأشادا بالتقدم الذي أحرزته الحكومة اللبنانية نحو نزع سلاح الميليشيات. ويعزز بيانهما إجماع ثنائي الحزب في واشنطن (جمهوري وديمقراطي) على أن استقرار لبنان يتوقف على إنهاء سيطرة الميليشيات. ويعكس إقرار عضوي مجلس الشيوخ بقرار مجلس الوزراء بشأن نزع السلاح تفاؤلًا وحذرًا في آنٍ واحد، مؤكدين ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة لتجنب أي انزلاق إلى الفوضى.
ورغم أن البعض في واشنطن يعتبر هذا التطور خطوة إيجابية للبنان، لكن مثل هذه التفسيرات تتجاهل حقيقة جوهرية: إن غياب استراتيجية حكومية حاسمة يُقوّض أي تقدم حقيقي في نزع سلاح “حـ.ـزب الله”. ويلفت بعض المصادر إلى أن هذا التردد يوحي بأن لبنان الرسمي قد يُفضّل أن تتخذ إسرائيل إجراءات ضد نزع سلاح “حـ.ـزب الله” بدلًا من دفع الجيش اللبناني الممول أميركيًا لفرض سلطته داخل حدوده. من هنا ينادي هؤلاء بإحداث تغيير فعّال لجهة الحاجة الملحة لضغوط دبلوماسية متصاعدة من الولايات المتحدة ودول أخرى.