
كتب جورج سولاج في صحيفة” الجمهورية”: الصفقة جنّبت لبنان فتنة داخلية، لكنّها علّقت قرار الدولة على خيط المفاوضات الأميركية-الإيرانية وتوازنات إسرائيل .» لم يكن ما جرى في جلسة الحكومة اللبنانية في الخامس من أيلول مجرّد اجتماع عابر، ولا حتى قراراً سيادياً تقليدياً. ما حدث هو نتاج صفقة دقيقة نُسجت بخيوط سرّية بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، هدفها الأوّل والأخير: منع انتقال الخلاف مع إسرائيل إلى فتنة داخلية بين الجيش و »حـ.ـزب الله »، أو إلى صدام أهلي لا يملك لبنان ترف احتماله. هذه الصفقة أخرجت الحزب والحكومة من مأزقيهما، ووضعت الجميع أمام معادلة جديدة: قرار قائم شكلاً… ومعلّق عملياً. خطة الجيش لترجمة قرار الحكومة حصر السلاح بيدها وحدها رُبطت بانسحاب إسرائيل من الجنوب، من دون أي مهلة زمنية. بعبارة أوضح، التنفيذ مؤجَّل إلى إشعار آخر. الجيش التزم بالقرار، لكن تحت سقف عدم التصادم مع «حـ.ـزب الله ،» في ظل غياب التوازن في العدد والعتاد، وفي ظل غياب ضمانات بانسحاب متزامن من الطرف الإسرائيلي. الحزب خرج مرتاحاً من الجلسة. فهو لم يرفض شرعية الحكومة، لكنّه علّق عملياً أي تنفيذ يمسّ بسلاحه. الصفقة سمحت له بالقول إنّه جزء من التفاهم الداخلي، من دون أن يُقدّم تنازلات حقيقية. والنتيجة: السلاح بقيَ حيث هو، معلّقاً على شرط خارجي صعب التحقيق. الصفقة اللبنانية جنّبت البلاد فتنة داخلية، وأبقت القرار قائماً، لكنّها في الجوهر رحّلته إلى أجل غير مسمّى. هذا يعني أنّ لبنان دخل في مرحلة تعليق استراتيجي: القرار موجود، التنفيذ مؤجَّل، المستقبل مرهون بما سيجري بين واشنطن وطهران، وبما ستقرّره إسرائيل على الحدود.ويبقى السؤال الأخطر: هل يدفع هذا المسار «حـ.ـزب الله » لاحقاً، وتحت ضغط التوازنات الدولية والإقليمية، إلى تسليم سلاحه طوعاً ضمن تسوية كبرى تحفظ وحدة الدولة؟ أم يترك المجال مفتوحاً أمام إسرائيل لفرض الحل بالقوة، حين ترى أنّ الوقت حان؟