
وذكرت الصحيفة إنَّ “الحرب التي فتحها حـ.ـزب الله ضدنا في 8 تشرين الأول 2023، بعد يوم واحد على الهجوم المفاجئ الذي شنّته حمـ.ـاس على بلدات غلاف غزة، انتهت بهزيمته”، وأضاف: “لقد تمت تصفية قمة قيادته العسكرية والسياسية، وكذلك القضاء على كثير من قدراته العسكرية. لكن يجب ألّا نخطئ، فهذا لا يعني انتصاراً كاملاً، فالحزب لم يتم القضاء عليه، وما زال يحتفظ بجزء كبير من قدراته، مترقباً اللحظة التي يمكن أن يعود فيها لرفع رأسه من جديد”.
وأوضح أنَّ “الضربة التي تلقّاها الحزب أفسحت المجال للبنان للتحرر من قبضته الخانقة، ومن حالة الشلل التي فرضها”، وأضاف: “الرئيس اللبناني جوزاف عون والحكومة التي ألّفها برئاسة نواف سلام، يعكسان رغبة الأغلبية الساحقة من اللبنانيين في المضي نحو مسار جديد من إعادة البناء وإعمار الدولة – بدلاً من الصراع العقيم مع إسرائيل بالوكالة، خدمةً لإيران. ولتحقيق ذلك، يجب نزع سلاح حـ.ـزب الله. يدركون في لبنان أن الانطلاقة الجديدة لم تكن لتتحقق لولا الضربات التي وجّهتها إسرائيل إلى الحزب”.
وأضاف: “لكن بعد هذا كله، يجب قول الحقيقة.. لا يمكن الاعتماد على اللبنانيين، ليس لأنهم لا يريدون نزع سلاح الحزب، بل لأنهم يفتقرون إلى القوة الكافية وحتى إلى الإرادة السياسية لفعل ذلك. علاوةً على ذلك، فإن حـ.ـزب الله ليس مجرد قوة عسكرية يكفي القضاء على قيادته وتدمير قدراته العسكرية لإنهائه، إنه أيضاً قوة سياسية واجتماعية تمثل أبناء الطائفة الشيعية – وهي الطائفة الأكبر في لبنان وتشكل نحو ثلث سكانه، وهؤلاء ما زالوا يدعمون الحزب، ليس بالضرورة لأنهم يتبنّون أيديولوجيته، بل لأنهم يرونه – في ظل غياب أي بديل آخر – مَن يناضل من أجلهم، ويضمن مكانتهم في الدولة. وفي الوقت عينه، يواصل الحزب تشغيل شبكة من خدمات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية التي تحافظ على سيطرته على أبناء الطائفة”.
وأكمل: “أمّا الحكومة اللبنانية، فهي من جهة، تريد أن تظهر في أعين الأميركيين أنها تعمل ضد حـ.ـزب الله، لكنها من جهة أُخرى، تخشى من أن تجرّ المواجهة معه البلد إلى حرب أهلية جديدة. إن 60% من جنود الجيش من الشيعة، ومن الصعب الافتراض أنهم سيرفعون السلاح ضد أبناء طائفتهم. كانت الاستراتيجية اللبنانية وما زالت استراتيجية (سيكون خيراً). صحيح أن الحكومة في بيروت اتخذت قراراً جريئاً بشأن تكليف الجيش اللبناني إعداد خطة لنزع سلاح الحزب، إلّا إن هذا القرار مشروط بحسن نية الحزب نفسه؛ لقد أعلن أمينه العام نعيم قاسم فعلاً أن مسألة السلاح هي خط أحمر بالنسبة إلى الحزب، وأنه لن يوافق قط على التخلي عنه. وعلى غرار حمـ.ـاس في غزة، يتخوف الحزب من أن يؤدي ذلك إلى تصفيته. علاوةً على ذلك، يوضح اللبنانيون أن تجهيز الجيش لتنفيذ مهماته سيحتاج إلى أعوام عديدة ومليارات الدولارات؛ لذلك، يُعتبر الحديث عن نزع سلاح حـ.ـزب الله في المدى المنظور غير واقعي”.
وأضاف: “إسرائيل رحبت بالقرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية، ووعدت بأن كل خطوة لبنانية ستقابَل بخطوة إسرائيلية، ومعنى ذلك أنه ما لم يبدأ الجيش اللبناني فعلياً بنزع سلاح الحزب، فعلى اللبنانيين أن ينسوا انسحاب إسرائيل من النقاط على طول الحدود، والضرورية لتأمين بلدات الجليل الأعلى، وطبعاً، عليهم أن ينسوا وقف الهجمات الإسرائيلية على أهداف حـ.ـزب الله في أنحاء لبنان، والتي تهدف إلى منع الحزب من إعادة بناء قوته”، على زعمه.
وختم: “إسرائيل أنهت الحرب في لبنان في تشرين الثاني الماضي قبل أوانها، وحتى الآن، تعمل ضد حـ.ـزب الله بشكل معتدل. ومع ذلك، لا يمكن تجاهُل الإنجازات التي حققناها في الحرب. والمهمة الآن هي الحفاظ عليها، ولهذا، يجب على إسرائيل عدم رفع قدمها عن دواسة البنزين، وإلّا سنجد أنفسنا من جديد أمام واقع ما قبل 7 تشرين الأول على حدودنا الشمالية”.