يسعى لبنان إلى توظيف الغموض في بعض بنود الورقة الأميركية، والتي تتطلب موافقة إسرائيل وسوريا لبدء تنفيذها.. هذه النقطة، رغم بساطتها الشكلية، تحمل في طياتها إمكانية التخفيف من القيود الزمنية الصارمة المفروضة على لبنان، لا سيما تلك المتعلقة بسحب سلاح “حـ.ـزب الله” من مناطق محددة خلال مهلة تنتهي نهاية العام الجاري. وبما أن إسرائيل لم تمنح موافقتها الرسمية حتى الآن، فإن هذا يعطي لبنان، هامشاً للمناورة في تفسير البنود وتنفيذها.
في هذا السياق، يبرز موقف “حـ.ـزب الله” الرافض للالتزام بمضامين الورقة الأميركية كما وردت، بل وحتى، بما تم إقراره حكومياً. فهو يشدد على أن أي نقاش حول سلاحه لا يمكن أن يتم في ظل وجود الاحـ.ــتلال الإسرائيلي والخروقات المتواصلة للسيادة اللبنانية، ويطرح بديلاً يتمثل في اعتماد استراتيجية دفاعية وطنية لا يمكن بلورتها إلا بعد ضمان الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحـ.ـتلة ووقف الهجمات الجوية والبرية.
هذا الموقف يعقّد المشهد السياسي، ويفتح الباب، بحسب مصدر سياسي أمام سيناريوهات مفتوحة بشأن جلسة مجلس الوزراء المرتقبة يوم الجمعة، وسط تكهنات حول مشاركة وزراء الطائفة الشيعية، في ظل إصرار “الثنائي الشيعي” على عدم المساس بسيادة الأرض ورفض الاملاءات وإنهاء الاحـ.ــتلال ورفض فرض وقائع ميدانية جديدة في الجنوب ووقف الانتهاكات.
وعليه من المتوقع ان يعيد رئيس مجلس النواب نبيه بري في كلمته اليوم في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر موقفه بأن الجيش يجب أن يكون المرجعية الوحيدة لحفظ الاستقرار وبسط السيادة، بالتوازي مع دعوة متكررة إلى ضبط الخروقات الإسرائيلية وضمانات دولية تجبر تل أبيب على احترام القرارات الدولية، في إشارة واضحة إلى الحاجة لإطار سياسي شامل لا يختزل المسألة في الجانب العسكري فقط. والأهم أن الرئيس بري سيعيد التأكيد مرة جديدة على أهمية الحوار لمعالجة الملفات الشائكة والمعدة.
وأشار رئيس الحكومة نواف سلام إلى أننا “لم نلتزم بالورقة الأميركية بل بأهداف الورقة، ولا زلنا ملتزمين بالأهداف بعد التعديلات اللبنانية التي أدخلناها على الورقة”.
وكان نائب رئيس الحكومة طارق متري قد أكد أن “الحكومة لن تتراجع عن قرار حصر السلاح”. وقال في حديث تلفزيوني “أخبرت الرئيس نبيه برّي بأن جلسة الجمعة ينبغي أن تكون هادئة وحوارية ومن نقطة اتفاق الجميع”. وشدد متري على أن “الموفد الأميركي توم بارّاك عاد إلى لبنان بلا جواب إسرائيلي”.
وأضاف متري في تصريح: “أنا مع الحوار داخل المؤسسات الدستورية، ومع كل أشكال الحوار الثنائي والثلاثي حتى”.
وقال : “حـ.ـزب الله والجيش والحكومة متفقون على تجنّب المواجهة، والاتفاق يشمل عدم وقوع نزاع لبناني – لبناني.
ولمناسبة الذكرى الـ47 لتغييب سماحة الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه قال رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون: “إن أفضل ما نفعله وفاء للإمام المغيّب هو أن نسير على نهجه في بناء لبنان العادل والموحد، لبنان الذي يحتضن جميع أبنائه ويحمي كرامتهم، لبنان الرسالة والحضارة”.
وأضاف: “ليكن هذا اليوم محطة للتأمل والالتزام بقيم الإمام الصدر السامية، ولنعمل جميعاً من أجل لبنان يليق بتضحياته وأحلامه. ولن ننسى صرخته يوم انخرط كثيرون من اللبنانيين في ما لا مصلحة لبلدهم فيه حين قال: “اعدلوا قبل ان تبحثوا عن وطنكم في مزابل التاريخ”.
الى ذلك، وبعد تأجيل زيارته التي كانت مقررة الأسبوع الماضي، يستعد وفد رسمي سوري لزيارة بيروت خلال الأسبوع المقبل، في خطوة تهدف إلى بحث ملف السجناء والموقوفين السوريين في السجون اللبنانية. وتأتي هذه الزيارة وسط تصاعد الجدل في لبنان حول ملف اللاجئين السوريين، والضغوط السياسية والأمنية المرتبطة بوجودهم، ما يضفي على هذه الزيارة طابعا بالغ الحساسية.
ووفق المعطيات المتوافرة، فإن الوفد لن يكون برئاسة وزير الخارجية السوري، ما يعكس على الأرجح رغبة دمشق في إبقاء الزيارة ضمن الإطار الفني والإداري، فغياب الوزير قد يشير إلى أن الزيارة تركز على الجوانب الإجرائية والمتعلقة بالتنسيق الأمني أو القضائي، وليس على تفاهمات سياسية شاملة.
وتطرح هذه الخطوة عدة تساؤلات حول مضمون المفاوضات المتوقعة، وما إذا كانت ستشمل آليات لإعادة بعض الموقوفين إلى سوريا، أو معالجة أوضاعهم القانونية داخل لبنان، في ظل مطالب متزايدة من قوى لبنانية بإعادة اللاجئين وتنظيم وجودهم من دون إطلاق سراح الإرهابيين.
مواضيع ذات صلة