
من المفترض أن يصل وفد سوري وزاري وأمني إلى بيروت في غدا لبحث أكثر من ملف عالق بين سوريا ولبنان. ويضم الوفد وزير الخارجية اسعد شيباني ووزير العدل مظهر عبد الرحمن الويس ومسؤولين امنيين، وهو سيبحث مع الجانب اللبناني سلسلة مواضيع أمنية وحدودية استكمالاً للقاء الذي عقد في السابق برعاية المملكة العربية السعودية، وإمكانية اعادة فتح السفارة السورية في لبنان بعد تعيين سفير جديد بهدف فتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين.
ويؤكد نائب رئيس الحكومة طارق متري أن الحديث عن إصدار عفو عام غير دقيق، وأنه يعمل على مسودة اتفاقية بين لبنان وسوريا وقد تناقش خلال الاجتماع المقبل مع الوفد السوري.
إلى ذلك ستكون قضية الموقوفين السوريين في لبنان، الذين يصل عددهم إلى نحو 2500 بين موقوف ومحكوم، من ضمن أولويات النقاش. لكن المعضلة تكمن في عدم إمكان العفو عمن ارتكب جرائم بحق الجيش اللبناني أو ارتكب أعمالًا إرهابية أودت بحياة الكثير من اللبنانيين.
أما ملف النازحين اللبنانيين الذين هُجّروا من منازلهم في ريفي القصير وحمص، فلا يبدو أنه على طاولة البحث على الرغم من تهجير أكثر من 70 ألف لبناني من بلدات سورية بالقرب من حوض العاصي.
وما يهم الجانب السوري هو المعاملة “الحسنة” للسوريين في لبنان، فضلًا عن إمكان إثارة قضية الودائع السورية في المصارف اللبنانية.
أما ما تردد عن قانون للعفو العام، فيوضح وزير العدل السابق سليم جريصاتيأن الإشكاليات كانت ترافق طرح أي قانون للعفو العام لما يعنيه ذلك القانون، والإشكالية الأخيرة تلك التي سبقت استقالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وحينها كانت لجنة وزارية تدرس ذلك الاقتراح، وعلى الرغم من وصول القانون إلى مجلس النواب، لم يُقر في حينها. فإشكالية العفو العام تتطلب ظروفًا مميزة لتنضج، وليس كافيًا أن يكون السبب هو اكتظاظ السجون، ورغم أهميته فإنه لا يستدعي صدور العفو العام. ويلفت إلى أن العفو العام يفاقم أزمات أخرى بدءًا من جرائم المخدرات إلى القتل وغيرها. لكن الظروف التي ترافق الحديث عن عفو عام هي مطلب سياسي بامتياز يكمن في مطالبة سوريا بذلك.
ويشير الوزير السابق سليم جريصاتي إلى أن آخر محاولة لإصدار عفو عام كانت في 2019، مؤكدًا أن من الصعب شمول الأحكام المبرمة بالعفو، ويشدد جريصاتي على ضرورة احترام مبدأ الفصل بين السلطات، معتبرًا أن أي عفو عام يجب أن يمر عبر مجلس القضاء الأعلى.
ويختم جريصاتي بأن العفو العام لا يجب أن يكون سياسيًا أو مفروضًا من أي جهة خارجية، بل يجب أن يعبّر عن رغبة داخلية صادقة بقلب صفحة سوداء من تاريخ الوطن وإحلال السلام مكانها. أما في ما يتعلق بملف ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، فيُعد من الملفات الشائكة التي لا يمكن التوصل إلى تسوية نهائية بشأنها خلال الزيارة المرتقبة للوفد السوري، سواء في ما يخص الحدود البحرية وما يتطلبه من تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان وسوريا، أو في ما يتعلق بصعوبة ترسيم حدود البلوكين 1 و2 اللبنانيين.
أما في البر، فالمسألة تتوقف على حسم هوية مزارع شبعا، إذ يتمسك لبنان بلبنانيتها. ووفق ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري، فإن مزارع شبعا لبنانية ما دامت بلدة شبعا لبنانية، ومع ذلك، تلوح في الأجواء مؤشرات إلى أن دمشق تميل إلى تبنيها لهوية المزارع، في حين قد تؤدي الضغوط الأميركية إلى نزع الهوية اللبنانية عنها وإلحاقها بسوريا، بما يتماشى مع خارطة جديدة ترسمها واشنطن وتل أبيب للمنطقة.
وكتبت” الديار”: تناولت المشاورات رد السلطات السورية، التي ابدت كل تعاون ورغبة في التنسيق مع الجانب اللبناني، على ما اكد براك نقلا عن الرئيس احمد الشرع الذي ابدى استعداده وانفتاحه لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، معلنا «تخطي سوريا لمسالة حـ.ـزب الله»، على ما اشار.
وفي هذا الاطار كشفت مصادر مواكبة ان واشنطن انتزعت من دمشق قرارا بنقل مستوى العلاقات والتفاوض مع بيروت من المستوى العسكري الى المستوى السياسي والدبلوماسي، والذي ستكون اولى بوادره زيارة الوفد السوري الى العاصمة اللبنانية.
وتشير المعطيات الى ان اللقاء الذي سيحصل في بيروت هو الاول من نوعه على هذا المستوى، حيث سيبحث في ملفات شائكة كما سيمهد لعقد لقاءات رفيعة المستوى بين الطرفين لاحقا، اذ علم ان تشكيلة الوفد اللبناني ستكون موازية لما يحمله الوفد السوري من صفات، حيث سيتم بحث ملف ترسيم الحدود بشكل تفصيلي في ظل التقدم الحاصل على صعيد ضبط عمليات التهريب ومكافحة المخدرات والممنوعات، ملف المعتقلين، حيث سيعمل على تحضير اتفاقية لتبادل المعتقلين يقسم بموجبها الموقوفون الى فئات، عودة النازحين، حيث ستطالب الدولة اللبنانية باعطاء الاولوية لاعمار المناطق التي يعود اليها النازحون، واخيرا ستتم مراجعة كامل الاتفاقات المبرمة سابقا ومن بينها المجلس الاعلى اللبناني – السوري، الذي تميل الامور نحو الغائه.
وختمت المصادر، بان الاجتماع، الذي لم يحدد تاريخه بعد، سيشكل اختبارا جديا لامكان الانتقال من ادارة الملفات التقنية الى بلورة اطار سياسي جدي للعلاقة بين بيروت ودمشق، ومدى نجاح الضغوط الاميركية والسعودية في وضع العلاقة بين البلدين على السكة.