
في منتصف شهر آب شهد لبنان موجة حر غير مسبوقة استمرت لأيام عدة وسجلت الحرارة 46 درجة في البقاع، وأكد العديد من خبراء الطقس ان لبنان لم يشهد مثلها منذ سنوات عديدة، مشيرين إلى اننا دخلنا حقبة المناخ المتطرف نتيجة الاحترار العالمي او الاحتباس الحراري، ما يُضاعف من مشكلة الجفاف وشح المياه التي عانى منها لبنان في الـ 2025 نتيجة تراجع كميات المُتساقطات بشكل كبير في موسم الشتاء، فما الذي ينتظرنا مُناخياً؟
يُشير الخبير البيئي ضومط كامل عبر “لبنان 24” إلى ان “لبنان شهد للمرة الأولى موجة حارة غير مسبوقة سببها ظاهرة الاحترار العالمي، فالكتل الهوائية الجافة التي ضربت لبنان حينها كانت مُشبعة بحرارة عالية ما أدى إلى تسجيل أرقام قياسية وكانت المناطق الجبلية والداخل اللبناني الأكثر تأثرا بهذه الموجة”.
وأكد كامل ان “لبنان مرتبط بالتغير المناخي العالمي”، لافتاً إلى ان “جنوب القارة الأوروبية هو أكثر المناطق عرضة للتغيرات الجوية لذا شهدنا خلال فصل الصيف سلسلة من الحرائق المُدمرة فيها”.
وبرأي كامل، فان “الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا واستخدام القذائف الضخمة أدت في الفترات الأخيرة إلى عرقلة قدوم الكتل الهوائية الباردة إلى منطقتنا وهذا الأمر تسبب بتقلبات جوية مختلفة جدا من تسجيل درجات حرارة عالية جداً إلى تشكل السيول”.
الثروة الحرجية بخطر
وحذر من ان “تدمير الثروة الحرجية في لبنان من خلال قطع الأشجار الذي يحصل في عدد من البلدات ومن قبل بعض البلديات ساعد على التمدد الحراري وتسبب بحرائق متنقلة نشهدها يوميا”، مشيرا إلى غياب الوزارات المُختصة مثل البيئة والزراعة والداخلية في ما يتعلق بكارثة تدمير الثروة الحرجية التي تحصل حاليا في لبنان.
وطالب كامل بمحاسبة كل من يقطع الأشجار بطريقة عشوائية ومن دون مراقبة، مشيرا إلى انه “يُسمح بقطع الأشجار في شهري كانون الأول والثاني وما يجري حاليا هو جريمة بيئية”.
وأوضح ان “الأشجار تمتص الحرارة العالية وتمنع الحرائق”، ونبّه إلى ان “الوضع في السنوات المقبلة سيكون أخطر بكثير مما هو عليه اليوم بسبب التغيرات المناخية ما يستوجب من الدولة وضع استراتيجيات على الأرض لتفادي هذه الكارثة البيئية”.
ظاهرة غريبة في سماء لبنان
وعن الظهور المُفاجئ مؤخرا لأسراب البجع المتوجهة جنوبًا في غير موعدها المعتاد أي في أواخر شهر أيلول، يقول كامل ان “الطيور تنتقل من منطقة إلى أخرى بحثا عن الأمان، ويبدو ان هذه الأسراب هربت من الحرارة المرتفعة في أوروبا إلى لبنان وربما شعروا بخوف ما”، ولفت إلى أن “أسراب طيور الشحرور تمر فوق لبنان في هذا الوقت أما أسراب البجع فبعد 15 أيلول وفي شهر تشرين الأول” .
الأزمة المائية
من جهة أخرى، حذر كامل من ان “الأزمة المائية التي يمر بها البلد خطيرة جدا والمطلوب من الدولة إعطاء إرشادات علمية للمواطنين لمواجهة الجفاف الذي نعاني منه وإعداد سلّة من الاستراتيجيات الزارعية والمائية”.
ولفت إلى تحوّل مجاري الانهر وضفافها الى مكبات عشوائية للتخلص من مخلفات الصرف الصحي، إضافة إلى مشكلة جفاف نحو 70 بالمئة من الآبار الارتوازية من المياه في البقاع، كما تحدث عن تسرّب كميات كبيرة من المياه الآسنة عبر التعئبة بالصهاريج واللجوء إلى الجور الصحية للاستهلاك اليومي من شرب او استعمال منزلي، مُطالبا بإجراء مسح شامل للتعديات على شبكات المياه واستكمال العمل بالسدود غير المنجزة”.
وأكد كامل انه “من الممكن وضع استراتيجيّة شاملة لسنوات طويلة للحد من أزمة شح المياه كما أنّه من الممكن وضع خطّة للتّعامل مع الوضع الرّاهن”، مُحذرا من ان “العام المقبل سيكون الأسوأ والأخطر ويجب إعداد خطط مواجهة وتنفيذها على الأرض”.
إذا بالإضافة إلى الأزمات السياسية والأمينة والمالية التي يعيشها لبنان لا بد من دق ناقوس الخطر بشأن المشاكل البيئية والمُناخية عسى ان يتم إيجاد حلول لها قبل فوات الآوان.