نشرت صحيفة “ذا ناشيونال” قالت فيه إنَّ “الاحـ.ــتلال الإسرائيلي وحزب الله المسلح لا يمكن أن يستمرا في لبنان”، فيما شنّ مركز أميركي هجوماً لاذعاً ضد المبعوث الأميركي توماس براك بسبب السياسة التي يعتمدها على صعيد الملف اللبناني.

 

ويقولُ تقرير “ذا ناشيونال” الذي ترجمهُ “لبنان24” إنَّ “الحكومة اللبنانية تواجه تحديات متزايدة، فهي تحاول الموازنة بين مطالب الولايات المتحدة بنزع سلاح حـ.ـزب الله، ومطالب إيران، الراعي الرئيسي لحزب الله، بعدم القيام بذلك”، وأضاف: “بالنسبة لحكومة تولت السلطة مؤخراً بعد سنوات من الفراغ السياسي، وكذلك للبلاد ككل، يُعد هذا اختباراً حاسماً للسيادة”.
 

وتابع: “لقد صوّت مجلس الوزراء هذا الشهر، بعد جدل واسع، على إعادة احتكار الدولة الكامل للسلاح، لكن تنفيذ هذا القرار ليس بالأمر الهيّن، والأمر مُعقّدٌ باستمرار تمركز الجنود الإسرائيليين كغزاة على الأراضي اللبنانية، رغم الدعوات الدولية لمغادرتهم”.
 
 
وأكمل: “في بيروت يوم الاثنين، قال المبعوث الأميركي توم براك إنه يعتقدُ أنَّ الحكومة اللبنانية قامت بدورها، فهي اتخذت الخطوة الأولى، وما نحتاجه الآن هو أن تلتزم إسرائيل بهذه المصافحة المتساوية”.
 

التقرير يتابع: “لكن رغم وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان الساري منذ تشرين الثاني، تواصل إسرائيل مهاجمة أجزاء من لبنان يومياً تقريباً. في الأسبوع الماضي، تفاخر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، خلال زيارته للقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان بخرق الهدنة 600 مرة”.
 

وأكمل: “في الوقت نفسه، فإن هناك أعداداً كبيرة من اللبنانيين اليوم لا يثقون بحزب الله لأسباب وجيهة، ليس أقلها قراره بشن حرب على إسرائيل عام 2023، إلا أنه كلما طالت مدة بقاء القوات الإسرائيلية، زادت فرص حـ.ـزب الله في استعادة بعض الدعم الشعبي بين المجتمعات المتضررة من الاحـ.ــتلال الإسرائيلي”.
 

وتابع: “هناك، على الأرجح، فرصة محدودة لنزع السلاح، ولبناء مستقبل أقوى للدولة اللبنانية. يبدو أن هذه النقطة الأخيرة لا تُثير قلق علي لاريجاني، المسؤول الأمني الأعلى في إيران، الذي كان في بيروت قبل زيارة السيد باراك مباشرة، وهدد بأن التلاعب بترسانة حـ.ـزب الله ليس خياراً وارداً”.
 

براك يثير “فوضى”
 

في المقابل، تقولُ مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأميركية (FDD) إنَّ براك يثير فوضى في الشرق الأوسط، وما يبدو هو أنه غافل عن عواقبها، وأضافت: “بالتعاون مع الحكومة اللبنانية، وضع براك خطة من 5 صفحات تُحدد خطوات لبنان لنزع سلاح حـ.ـزب الله وإجراءات مماثلة لإسرائيل. ما العيب الفادح؟ لم يستشر باراك إسرائيل قبل إلزامها بهذا المقترح اللبناني الأميركي، متوقعاً منها الالتزام بخطة لم تُراجعها قط. يعتقد باراك أن هذه هي الدبلوماسية، لكنها ليست كذلك”.
 

وتابعت: “لقد زار باراك بيروت يوم الاثنين، بعد وقت قصير من مطالبة مستشار الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني لبنان بالتخلي عن سياسته المتمثلة في نزع سلاح حـ.ـزب الله. رفض المسؤولون اللبنانيون دعوة لاريجاني، وحثّوا طهران على احترام الأعراف الدولية والبقاء بمنأى عن الشؤون اللبنانية”.
 

وأكملت: “حـ.ـزب الله ووسائل إعلامه، المتأثرة بالنتيجة الكارثية لزيارة لاريجاني، شنّت موجة من الهجمات على الولايات المتحدة لدفعها لبنان إلى نزع سلاح الحزب. لكن، على نحوٍ مفاجئ، احتفت وسائل إعلام حـ.ـزب الله بزيارة براك، لا سيما تصريحه بأن لبنان قد أدى دوره، وأن على إسرائيل الآن التوقف عن مراقبة حـ.ـزب الله. ولمجرد تصويت مجلس الوزراء اللبناني على الخطة الأميركية – اللبنانية لنزع سلاح حـ.ـزب الله انتقد باراك إسرائيل لضرباتها المُستهدفة التي تُواصل القضاء على عناصر حـ.ـزب الله في محاولتهم إعادة بناء قدرات تنظيمهم”.
 

وأضافت: “أثناء استقبالهما لبراك، طالب كلٌّ من الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام إسرائيلَ بالردّ بالمثل على خطوة لبنان بشأن سلاح حـ.ـزب الله. وعليه، حمّل براك إسرائيل مسؤولية عدم التزامها بخطة لم ترها ولم توافق عليها”.
 

واعتبر التقرير أن “دبلوماسية باراك تُخلق المشاكل بدلاً من حلها”، وأضاف: “بسلطته المطلقة، يُخاطر هذا المسؤول الأميركي بتصعيد التوترات كلما طال تدخله في أمور خارج نطاق صلاحياته. براك، في نهاية المطاف، هو سفير أميركا لدى تركيا ومبعوثها لدى سوريا – ولا يشمل لقبه لبنان أو العلاقات اللبنانية الإسرائيلية. ومع ذلك، فهو يتنقل بين أنقرة وبيروت، في محاولة لحل نزاع بين بيروت وتل أبيب”.
 

واستكمل: “يُحاكي نهج باراك الدبلوماسيةَ المعيبةَ للرئيس السابق باراك أوباما، الذي غالباً ما أشادت سياساته بخصومٍ مثل إيران وحزب الله، بينما انتقدت حلفاءً مثل إسرائيل. لقد فشلت دبلوماسية أوباما فشلاً ذريعاً، إذ ارتكبت أخطاءً غير مقصودة، وخلَّفت مشاكل كان من الممكن تجنُّبها بسبب نقص الخبرة الإقليمية”.
 

وأردف: “تعتمد الدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط على نجاح إسرائيل في إضعاف إيران وتفكيك حـ.ـزب الله وحماس. بعد أن انفصلت أميركا عن تعقيدات المنطقة لفترة طويلة، تتفاوض مع فصائل الشرق الأوسط مدعومةً بقوة إسرائيل، لا ببراعتها. يجب على الدبلوماسيين الأميركيين أن يدركوا أن أصحاب السلطة الحقيقية – وليس الرسل – هم من يتخذون القرارات.
 

وتابع: “إن استبعاد إسرائيل من المناقشات حول لبنان وسوريا وتركيا، كما فعل براك، ليس من سمات الدبلوماسية الأميركية. لقد أثارت إشادته بحليف حـ.ـزب الله، رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، خلال زيارته يوم الاثنين، دهشة المراقبين في واشنطن. لقد برز براك على الساحة الشرق أوسطية قبل أشهر قليلة، وقد يبقى فيها لثلاث سنوات على الأكثر. لكن من لديهم عقود من الخبرة في المنطقة يرون في دبلوماسيته وصفة للمشاكل. الفوضى التي يُحدثها ستستغرق من واشنطن سنوات طويلة لتنظيفها بعد انتهاء ولايته”.
 

وأضافت المؤسسة في تقريرها: “إذا لم تُصحّح الولايات المتحدة مسارها بسرعة في لبنان وسوريا وتركيا، فسوف تندم على هذه الأخطاء لسنوات قادمة. وكما يحدث غالبًا، قد تُلقي أميركا بثقلها، مُحمّلةً تعقيد الشرق الأوسط مسؤولية إخفاقاتها”.
 

واستكملت: “للولايات المتحدة مبعوثون أكفاء يدركون تعقيدات المنطقة. يكفي أن تنشر واشنطن ذوي الخبرة، وتستبعد من هم أكثر ملاءمةً لزيارة المواقع التاريخية في المنطقة، بدلاً من مواجهة تحدياتها الدبلوماسية.
 

وختمت: “الوضع المتعلق بلبنان وإسرائيل وحزب الله واضح، فالأخير شنّ حرباً غير مبررة على إسرائيل، فيما نزع سلاحه سيحل الصراع. مع هذا، فإن توقع تقديم إسرائيل تنازلات بينما لم يقدم لبنان سوى تصويت مجلس الوزراء، هو أمرٌ سخيف. إذا لم يُدرك براك هذا الخطأ، فينبغي نصحه بتصحيح مساره. إذا أدرك ذلك واستمر في دبلوماسيته المعيبة، فقد يكون من مصلحة الولايات المتحدة أن يتنحى جانباً ويترك المجال لدبلوماسيين أكثر خبرة ليتولوا زمام الأمور”.


المصدر:
ترجمة “لبنان 24″