الجريدة

فتح رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الطريق أمام جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل المخصصة لسحب سلاح «حزب الله» ووضع الإطار العام المتكامل لمقرراتها، بالتأكيد على حصر السلاح بيد الدولة والعمل على تحقيقه، في مقابل المطالبة بتعزيز الجيش ودعمه بعشرة مليارات دولار على عشر سنوات، والتركيز على أهمية الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، ووقف الاعتداءات والخروقات، وإطلاق سراح الأسرى، والبدء في مسار إعادة الإعمار. 

وهذا يعني فتح الباب جدياً أمام النقاش في الآلية التنفيذية لتطبيق حصرية السلاح، والتي يجب أن تترافق مع الضغوط على إسرائيل لتطبيق اتفاق تشرين الثاني الماضي، والتي تحاول الخروج منه إلى اتفاق جديد. ما يريده عون هو التفاهم مع رئيسي الحكومة نواف سلام ومجلس النواب نبيه بري للخروج بموقف موحد، تفاعلاً مع ورقة الموفد الأميركي توم براك. مع الإشارة إلى أن الضغوط الدولية تركز على ضرورة خروج الحكومة بقرار علني ورسمي يلتزم فيه لبنان ببند سحب السلاح، وبمهلة زمنية محددة لتحقيق ذلك. إنها المرة الأولى التي يُطرح فيها ملف السلاح بشكل رسمي وجدّي على طاولة الحكومة منذ عقود. في السابق اعتبر اللبنانيون أن حل أزمة «حزب الله» يجب أن يكون ضمن معالجة الملف الإقليمي، وهذا ليس بيد الدولة اللبنانية، فخلال الحرب الأخيرة أيضاً كانت السلطة اللبنانية ناقلة رسائل، وتهتم بمسألة مواكبة الحرب بالمعنى الاجتماعي، وكل المفاوضات كانت تدور مع الحزب من خلال الدولة اللبنانية. وكانت الضربات تتركز على الحزب، وتم تحييد الدولة ومرافقها، وكانت التصريحات واضحة أن لبنان نجح في إبعاد شبح هذه الحرب عن مرافقه العامة وبُناه التحتية. اليوم ينقلب الأمر، إذ أصبحت الدولة هي المعنية بإيجاد حلّ لمعضلة السلاح، وهي التي تطرح في بيان الحكومة الوزاري وكل المواقف موقف العمل على حصر السلاح بيد الدولة. 

بذلك أصبحت السلطة اللبنانية في قلب المواجهة المباشرة، إما مع القوى الدولية وإما مع «حزب الله»، وهو ما ستشهده جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، والتي تتأرجح بين جواب واضح يُرضي الخارج، وبين محاولة التمييع على القاعدة اللبنانية المعتادة لتفادي حصول صدام داخلي، وهنا لا بد من انتظار كيفية تلقف القوى الدولية لهذا القرار أو الموقف. وهناك مَن يعتبر أنه في حال لم تتمكن الحكومة من إقرار خطة واضحة تتضمن جدولاً زمنياً لسحب السلاح والالتزام به، فإن لبنان سيكون في مواجهة المجتمع الدولي، مع ما يعنيه ذلك من تصعيد عسكري وأمني إسرائيلي، في مقابل تراجع منسوب الاهتمام بالملف اللبناني، وعدم تقديم أي مساعدات، وعودة لبنان إلى مسار الإهمال. أما في حال أقدمت الحكومة على وضع خطة زمنية مُجدولة لسحب السلاح بشكل واضح، فذلك سيضع أمامها تحدي التنفيذ وكيفية إقناع «حزب الله» بذلك، علماً بأن أوساط الحزب تفيد بأنه لن يسمح بتسليم أي قطعة سلاح قبل التزام إسرائيل باتفاق تشرين الثاني الماضي، والانسحاب ووقف الضربات، وترى أن المدخل الفعلي لمعالجة ملف السلاح هو الحوار. وذلك سيؤدي إلى توترات في الشارع، أو إلى أزمة سياسية تشل عمل الحكومة والعهد. وفي كلمة بمناسبة عيد الجيش، دعا عون أمس، جميع القوى السياسية إلى اغتنام اللحظة التاريخية لتكريس حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني، محذراً من استمرار «الموت والدمار والانتحار والحروب العبثية» على أرض الوطن. وأكد الرئيس أن الجيش تمكن من بسط سلطته على منطقة جنوب الليطاني، وهو «مصمم على استكمال مهامه الوطنية»، داعياً اللبنانيين إلى «الوقوف خلف الجيش وتوحيد الولاء للدولة فقط». ووجّه الرئيس نداءً مباشراً إلى «حزب الله» وسائر الأطراف اللبنانية لتسليم السلاح «اليوم قبل الغد»، مشدداً على أنه «لن نتهاونَ مع مَن لا يعنيه إنقاذٌ، أو لا يَهمُه وطن». وجاء كلام عون غداة خطاب للأمين العام للحزب نعيم قاسم رفض فيه ما وصفه بـ «تسليم السلاح لإسرائيل». كما كشف عون عن مبادرة سعودية تهدف إلى تسريع الترتيبات لتثبيت الاستقرار على الحدود اللبنانية السورية.