الفيدرالي الأميركي

في تطور لافت قد يُعيد تشكيل السياسة النقدية الأميركية مستقبلاً، أكدت دراسة حديثة أجراها باحثون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي – من بينهم جون ويليامز رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك – أن احتمال عودة أسعار الفائدة إلى المستوى الصفري لا يزال قائمًا على المدى المتوسط إلى الطويل، رغم استمرار الفائدة الحالية عند مستويات مرتفعة.

دراسة تتوقع احتمالًا بنسبة 9% للعودة إلى الفائدة الصفرية

وبحسب الدراسة التي نُشرت مؤخرًا، قدّر الباحثون احتمالًا بنسبة 9% لعودة الفائدة إلى ما يُعرف بـ “الحد الصفري” خلال السنوات السبع المقبلة، ما يعني أن الظروف الاقتصادية قد تدفع البنك المركزي الأميركي إلى اتباع سياسة نقدية تيسيرية شبيهة بتلك التي شهدها العالم في أعقاب أزمتي 2008 و2020.

وأشارت الدراسة إلى أن التغيرات في توقعات الأسواق بشأن الفائدة المستقبلية تُشكّل العامل الرئيسي الذي يُعزز هذه الاحتمالية، في ظل وجود مؤشرات على تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وتصاعد المخاوف من الركود في بعض القطاعات.

عودة إلى السياسة التيسيرية؟

رغم التوجه الحالي نحو تثبيت أو حتى رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، إلا أن هذه التوقعات تشير إلى أن المرحلة الحالية من التشديد النقدي قد لا تدوم طويلاً، وأن الظروف المالية قد تجبر الفيدرالي على العودة إلى أدوات التحفيز التقليدية إذا ما دخل الاقتصاد الأميركي في حالة انكماش.

ترامب يدخل على الخط: هاجم باول ودعا إلى الاستقالة

في سياق متصل، صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجومه على مجلس الاحتياطي الفيدرالي، متهمًا رئيسه جيروم باول بـ”الفشل في أداء مهامه”، وداعيًا إياه إلى الاستقالة الفورية.

وأكد ترامب أن أسعار الفائدة يجب أن تكون عند 1% أو أقل، معتبرًا أن سياسات الفيدرالي الحالية تُبقي تكاليف الاقتراض مرتفعة على الحكومة الأميركية، وتُعيق النمو الاقتصادي، خصوصًا في ظل استمرار الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارته.

إرث الأزمات السابقة: من 2008 إلى 2020

يُذكر أن الاحتياطي الفيدرالي لجأ في السابق إلى خفض الفائدة إلى الصفر خلال:

  • الأزمة المالية العالمية في 2008، بعد انهيار كبرى المؤسسات المصرفية.
  • جائحة كورونا في 2020، لمواجهة التراجع الحاد في الأنشطة الاقتصادية.

وقد ساعدت هذه السياسة في ضخ السيولة وتحفيز الأسواق، لكنها أيضًا ساهمت في تضخم الأصول وارتفاع مستويات الدين العام.

هل نحن أمام مرحلة جديدة من التيسير النقدي؟

رغم التوجه الحالي نحو الانضباط النقدي، يرى العديد من الخبراء أن أي تراجع كبير في النمو أو أزمة مالية عالمية جديدة قد يُجبر الفيدرالي الأميركي على العودة إلى:

  • خفض أسعار الفائدة إلى مستويات متدنية أو صفرية.
  • تنشيط برامج التيسير الكمي (QE).
  • خفض تكلفة الاقتراض لإنقاذ الاقتصاد الأميركي من الانكماش.

خلاصة تحليلية: ما الذي يعنيه ذلك للأسواق؟

عودة أسعار الفائدة إلى الصفر، إن حصلت، ستُغيّر مسار الأسواق العالمية بالكامل، حيث:

  • سيُصبح الذهب أكثر جاذبية كمخزن للقيمة.
  • سترتفع الأسهم في المدى القصير بسبب انخفاض تكلفة الاقتراض.
  • وقد تتراجع قوة الدولار إذا رافق التخفيض ضعف في النمو.

لكن في المقابل، سيزيد ذلك من الضغوط التضخمية على المدى الطويل، وسيُعيد إلى الأذهان مخاطر الفقاعات المالية التي كانت سببًا رئيسيًا في الأزمات السابقة.

لبنان اليوم