
موقع Mtv
يحتفل كثيرون بانتهاء الحرب، ولكنّ قلّة تدرك سبب انتهائها ومضمون الصفقة، وما الذي عجّل في إعلان دونالد ترامب التوصّل الى اتفاقٍ إيراني – إسرائيلي برعاية أميركيّة، بعد ساعاتٍ من استهداف قاعدة أميركيّة في قطر، وما سبب اختيار هذه القاعدة بالذات؟
كانت إيران تدرك أن ردّها يتطلّب عملية تُعيد التوازن الرمزي مع الولايات المتحدة، شرط ألّا تستفزّ ترامب بما يدفعه إلى تصعيد مدوٍّ. فالرجل يتعامل مع الحرب بلغة الكلفة والمردود، وطهران سعت إلى ضربة تُسجَّل سياسيًّا وإعلاميًّا، لكنها مدروسة لتجنّب انفجار المواجهة.
ضمن هذا الإطار، وقع الخيار الإيراني على قاعدة “العديد” في قطر، التي تُعدّ مركز القيادة الأميركيّة الإقليمية، لكنها خالية من الأهداف الحسّاسة أو المأهولة، ما يجعلها هدفاً “آمناً” لضربة محسوبة. المسافة عن التجمعات المدنية، واتساع المساحة، وقدرة القوات الأميركية على حماية منشآتها، كلها عناصر جعلت الضربة الإيرانية أقرب إلى رسالة منها إلى عمل عسكري تقليدي.
الضربة نفسها لم تكن مفاجئة. فالتنسيق غير المباشر سبق التنفيذ، عبر قنوات استخبارية وأمنية، وربما رسائل نقلتها جهاتٌ ثالثة. وهذا ما يفسّر ردّ الفعل الأميركي “الإيجابي”، إذ شكر ترامب طهران على ما بدا وكأنه تفاهم ضمني على سقف الردّ. الرسالة وصلت: إيران ردّت لحفظ ماء الوجه، وأميركا استوعبت الضربة من دون خسائر، والاثنان حرصا على عدم تكسير الخطوط الحمراء، و”ربح الجميع” في النهاية، ولو لم يتعادلوا في حجم الخسائر التي تكبّدت إيران أكبرها.
ولكن، ما أعقب الضربة أهمّ من الضربة نفسها. فقد استُخدمت كجسر نحو وقف إطلاق النار، ليس فقط بين واشنطن وطهران، بل بين إيران وإسرائيل أيضاً. ففي اللحظة التي اكتملت فيها صورة الردّ الرمزي، أعلن ترامب نهاية الحرب، قائلاً إنّ “وقت السلام قد حان”، في إشارة إلى أن الصراع بلغ ذروته ويمكن الآن ضبط إيقاعه سياسيًّا.
تبرز هنا وجهتا نظر، ترى الأولى أنّ الهدنة هشّة. فالعوامل التي فجّرت التصعيد لا تزال قائمة. إيران لم تُعلن تراجعها عن برنامجها النووي، وإسرائيل لم تقدّم بديلاً سياسياً لرؤيتها في التعامل مع هذا التحدّي. وعليه، يبدو وقف إطلاق النار بمثابة “هدنة تكتيكية”، أكثر منه تسوية نهائية.
في المقابل، ثمّة وجهة نظر تشدّد على أنّنا شهدنا آخر الحروب، ونحن أمام إيران جديدة حافظت على نظامها ولكنّها ستبدّل دورها الخارجي، إذ ستتخلّى، تدريجيّاً، عن أذرعها وتوقف دعمها المالي والعسكري لتنظيماتٍ وأحزاب، وستجمّد برنامجها النووي.
أمّا الرابح الأكبر في ما جرى فهو دونالد ترامب. استخدامه عبارة “السلام” حين تحدّث عن اتفاقٍ بين إيران وإسرائيل يعبّر عن طموحٍ لديه بنيل جائزة نوبل للسلام.