
خاص لبنان اليوم
من صفقة القرن… إلى مسرحية القرن!
مهزلة الضحك على الشعوب بالعداوات الوهمية انكشفت، وسقط قناع “الممانعة” الزائف، وظهرت الحقيقة جلية أمام أعين العالم: نحن أمام مشهد مسرحي لا أكثر، أبطاله معروفون، وضحاياه الشعوب المخدوعة.
بالأمس، أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، في مشهد مسرحي جديد، نهاية ما وصفه بـ”الحرب بين إسرائيل وإيران”، مؤكدًا أن اتفاقًا سريًا رعته واشنطن وشاركت فيه طهران والدوحة قد أنهى النزاع، بل وحدّد أدوار “الضربات المتبادلة”! إيران، بحسب التسوية، نفّذت قصفًا صوريًا على أهداف في قطر، الدولة التي “تبرعت” بامتصاص الردّ الإيراني مقابل حماية حليفتها، الولايات المتحدة، من غضب طهران بعد استهداف مفاعلاتها النووية!
ما حدث ليس تسوية… بل إهانة موثقة. إيران التي لطالما رفعت شعار “الموت لأمريكا” و”تحرير القدس” اختارت الانحناء أمام الضربات، مفضّلة ذل التسويات على شرف المواجهة. لم يكن الرد الإيراني متكافئًا، لا من حيث الحجم ولا من حيث التأثير، بل كان أشبه بصفعة خفيفة على خدّ شريك في تمثيلية هزيلة.
طهران لم ترد حفاظًا على كرامة شعبها، بل لتُبقي نظام الملالي جالسًا على كرسي السلطة، ولو على حساب الكبرياء الوطني. هذا النظام الذي يتقن فن التهويل الإعلامي، ويجيد تحويل الهزائم إلى “انتصارات إلهية”، بات مكشوفًا أكثر من أي وقت مضى. من الذي يصدق أن إيران التي تتوعد منذ عقود، تكتفي الآن بقصف رمزي على أرض شريكة في “الصفقة”؟
وأما دونالد ترمب، فهو لم يكن أبدًا “رجلًا عشوائيًا” كما وصفه البعض.
بل أثبت أنه لاعب بارع في إدارة الملفات المعقدة بما يخدم مصالح بلاده، وإن كان ذلك عبر تدمير أوطان الآخرين.
فبعد أن ضرب البرنامج النووي الإيراني بضربة دقيقة، خرج أمام الإعلام كـ”وسيط سلام”…
رسالة سياسية واضحة: “أنا من أشعل الحريق، وأنا من أطفأه. أنا من يقرر من يعيش ومن يُقصف!”
فقد وجّه رسالة واضحة للعالم:
“أنا القائد… وما أقرّره يصبح واقعًا”.
ضرب البرنامج النووي الإيراني، ثم خرج أمام الكاميرات يلعب دور رجل السلام والوسيط! إنّه يقلب الطاولة على الجميع، ويستعرض قوته السياسية كما لو كانت جزءًا من حملته الانتخابية المقبلة.
الشعوب لم تعد ساذجة. مسرحية القرن هذه، التي بدأت بصفقة القرن ووعود التطبيع، تنتهي اليوم بإيران الممانعة وهي تتفاوض على الردود قبل أن تنفذها، وبدول خليجية تستقبل الصواريخ على أراضيها بتفاهمات مسبقة.
وها هي الشعوب، من جديد، تدفع الثمن:
شعوب خُدعت لسنوات بشعارات الممانعة.
شباب صدّقوا أن الحرب حقيقية، وأن هناك أملًا بالمواجهة.
لكن الحقيقة كانت أن الحرب… مُخرجة على ورق، والردود كانت بالاتفاق المسبق، والدماء التي سالت… بلا جدوى.
الشعوب بدأت تستيقظ.
لم تعد تنطلي عليها هذه المسرحيات التي تُدار من خلف الستار، حيث يجلس المخرج الأميركي، ويتقاسم الأدوار مع ممثلين عرب وإيرانيين، في حبكة “عداء شكلي” و”صداقة سرية”.
إنه زمن الانكشاف، حيث لم يعد هناك مكان للكذب.
العداوات كانت وهمية، والدماء حقيقية، والكرامة مسلوبة.
والشعوب… وحدها من تدفع الثمن.