
عملية “كشبل”: حرب الظلال التي قد تغيّر وجه الشرق الأوسط
في تطور لافت يكشف عن خفايا المواجهة المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، نشر الصحافي الإسرائيلي “آفي أشكنازي” تحقيقًا عبر موقع “واللا” العبري كشف فيه تفاصيل دقيقة عن خطة عسكرية إسرائيلية سرية تُعدّ من أوسع العمليات الاستخباراتية في السنوات الأخيرة، تحت عنوان “عملية خداع متقنة” تهدف إلى ضرب البرنامج النووي الإيراني خلال أسبوع واحد فقط.
غرفة عمليات سرّية تضم 120 ضابطًا
بحسب التحقيق، فقد بدأت الاستعدادات في تشرين الثاني من العام الماضي، عندما أُنشئت غرفة عمليات مغلقة داخل مبنى سري في منطقة غوش دان، بمشاركة 120 عنصرًا من أبرز الضباط في وحدة الاستخبارات العسكرية (أمان) وسلاح الجو، وتحديدًا من وحدة 8200 المعروفة بكونها قلب إسرائيل الإلكتروني والاستخباراتي.
هؤلاء الضباط عملوا على تطوير سيناريوهات محتملة لضربة جوية كاسحة، تضرب بدقة مواقع حيوية داخل إيران، تشمل منشآت نووية ومراكز قيادة وأنظمة دفاع جوي متقدمة.
منشأة فوردو تحت المراقبة… والهجوم جاهز
من أبرز الأهداف التي وُضعت ضمن “بنك الأهداف” الإسرائيلي، كانت منشأة فوردو النووية تحت الأرض، وهي واحدة من أكثر المنشآت تحصينًا في إيران. وأكدت المصادر العسكرية أن الهجوم على فوردو “قابل للتنفيذ فور اتخاذ القرار السياسي”، ما يشير إلى أن البُعد العسكري جاهز، وأن الكرة الآن في ملعب القيادة السياسية في تل أبيب.
التفوّق الجوي: العنصر الحاسم
ضابط كبير تحدث للموقع شدد على أن “التفوق الجوي هو المفتاح” لنجاح أي عملية عسكرية ضد إيران. وأشار إلى أن المخاوف كانت كبيرة في مرحلة الإعداد، لعدم توفر حلول واضحة لاختراق أنظمة الدفاع الجوي الإيراني. وهذا ما دفع إلى تسريع إعداد بنك أهداف أكثر دقّة، يشمل عناصر حساسة مثل:
- العلماء النوويين
- محطات الرادار
- مراكز القيادة والسيطرة
- شبكات إطلاق الصواريخ الباليستية
عملية “كأمير شبل”: عنوان رمزي لحرب استباقية
العملية التي أطلق عليها اسم “كأمير شبل” (עם כלביא)، هي عبارة عبرية توراتية تعني “كأسدٍ صغير”، وتُستخدم رمزيًا للدلالة على الشجاعة والمباغتة القتالية. وتعبّر التسمية عن نية الجيش الإسرائيلي تنفيذ هجمات مفاجئة وسريعة ضد أهداف نووية إيرانية، قبل أن تتمكن طهران من إنتاج سلاح نووي فعلي.
اغتيالات دقيقة وواسعة… نجاح يتجاوز التوقعات
يؤكد التحقيق أن جزءًا مهمًا من الخطة الإسرائيلية تمثل في تنفيذ سلسلة من الاغتيالات النوعية، استهدفت شخصيات بارزة في البرنامج النووي الإيراني. وقد أُشيدت تلك العمليات بـ”نجاحها ودقتها”، إذ تجاوزت التوقعات من حيث التأثير والنتائج.
الاغتيالات لم تكن عشوائية، بل استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة، ووُجهت ضد أشخاص محددين يشكّلون خطرًا مباشرًا على الأمن الإسرائيلي في ما يتعلق بالقدرات النووية الإيرانية.
الطائرات الإسرائيلية اخترقت الأجواء الإيرانية
في الأيام الماضية، شنّت عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية غارة على منشأة لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في طهران. ووفق التقرير، تمكّنت تلك الطائرات من اختراق المجال الجوي الإيراني بفضل ممرات جوية خاصة فُتحت لها مسبقًا، في تنسيق مع “حلفاء جدد” في المنطقة.
ويُعتقد أن هذا التنسيق الإقليمي لعب دورًا أساسيًا في نجاح الضربة، ما يعكس تغيّرًا استراتيجيًا في خريطة التحالفات الإقليمية.
الصواريخ الإيرانية… مصدر قلق مستمر
ورغم النجاح الاستخباراتي والعملياتي، إلا أن خطر الصواريخ الإيرانية الباليستية لا يزال حاضرًا بقوة. إذ تشير التقديرات العسكرية الإسرائيلية إلى أن ما بين 35 إلى 40% من هذه الصواريخ تم تحييدها حتى الآن، لكن تبقى نسبة كبيرة قادرة على تهديد العمق الإسرائيلي في حال نشوب حرب شاملة.
كما أظهرت المعلومات الاستخباراتية أن عمليات إطلاق الصواريخ لا تقتصر على غرب إيران، بل تشمل مناطق متفرقة، مما يزيد من تعقيد المهمة الدفاعية.
التحالفات الجديدة: مفاجآت وراء الكواليس
أحد أبرز ما ورد في التقرير هو الإشارة إلى وجود “تحالفات جديدة” في المنطقة كانت على علم بالخطة الإسرائيلية قبل تنفيذها. ولم يُسمَّ التقرير أسماء هذه الدول، لكن مراقبين يشيرون إلى احتمال وجود تفاهمات أمنية مع دول خليجية أو حتى تركيا، ما يؤكد تغيرات كبرى في خارطة الصراعات والتحالفات في الشرق الأوسط.
خلاصة: ما الذي يعنيه كل هذا للبنان والمنطقة؟
تُظهر هذه التسريبات أن إسرائيل ليست فقط تستعد لضربة استباقية، بل تعمل منذ أشهر طويلة على إعداد دقيق يشمل معلومات استخباراتية، دعم تحالفي، وتحضير عسكري متقدم.
أما بالنسبة للبنان، فإن أي مواجهة شاملة بين إسرائيل وإيران ستضع حزب الله في قلب الصراع، مما يجعل البلاد عرضة للانخراط في حرب غير مباشرة ستطال أمنه واستقراره الهشّ.
لبنان، الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، قد يجد نفسه مجددًا على خط النار، خاصة إذا قررت إسرائيل توجيه ضربات داخل الأراضي اللبنانية، أو إذا بدأ حزب الله بتحريك جبهته الجنوبية دعمًا لإيران.