الحزب و اليونيفيل

الحزب و اليونيفيل: بين الدعم العلني والرفض الضمني… ما الحقيقة؟

في خضم النقاش المتجدد حول تجديد مهمة قوات اليونيفيل في الجنوب اللبناني،

يظهر حزب الله بموقف متناقض يثير الكثير من التساؤلات.

ففي حين يصدر عنه كلام رسمي يؤيد وجود القوات الدولية ويشدد على أهمية دورها،

تصدر عنه مواقف أخرى تحمل نقدًا شديدًا لتصرفات هذه القوات،

ما يطرح علامات استفهام حول نوايا الحزب الحقيقية تجاه اليونيفيل والقرار 1701.

دعم رسمي للتجديد من قبل حزب الله

في تصريح واضح وصريح، أكّد النائب محمد رعد، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، خلال لقائه مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، أن حزب الله لا يعارض تجديد ولاية قوات الطوارئ الدولية، بل يدعمها بالكامل.

وأضاف أن “موقف الحزب من اليونيفيل ثابت وواضح ولا غموض فيه”، في رسالة مباشرة إلى المجتمع الدولي بأن الحزب يلتزم بالقرار 1701 وبالتعاون مع المجتمع الدولي.

في المقابل: انتقادات لاذعة من داخل الحزب

لكن في المقابل، أطلق النائب علي فياض، عضو الكتلة نفسها، تصريحات ناقدة بشدة لقوات اليونيفيل،

حيث اتهمها بدخول القرى والممتلكات الخاصة في الجنوب اللبناني دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني،

مشيراً إلى أن الأهالي لا يلمسون أي تأثير فعلي لهذه القوات في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، كالاغتيالات والتوغلات المتكررة.

موقف المفتي الجعفري يزيد من غموض المشهد

بدوره، رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن تجاوز الجيش اللبناني في عمل اليونيفيل يُعتبر “كارثة سيادية”،

مشددًا على أن لبنان لا يمكن أن يحافظ على سيادته من دون وجود القوى السيادية وعلى رأسها الجيش اللبناني.

واعتبر أن اليونيفيل لا يجب أن تعمل وكأنها قوة انتداب أمني، بل يجب أن تكون شريكة في حماية السيادة اللبنانية بالتعاون مع الدولة اللبنانية.

هل هناك ازدواجية في موقف حزب الله من اليونيفيل؟

هذه المواقف المتباينة تطرح سؤالاً جوهريًا: هل يدعم حزب الله فعليًا بقاء قوات اليونيفيل في الجنوب،

أم يسعى إلى تقليص صلاحياتها بما ينسجم مع أولوياته الأمنية والعسكرية في المنطقة؟

وفقًا لمصادر سياسية سيادية، فإن الانتقادات الموجهة لليونيفيل من بعض مسؤولي الحزب تهدف إلى تبرير الاعتداءات المتكررة من قبل ما يُعرف بـ”الأهالي”، على دوريات اليونيفيل.

وتشير المصادر إلى أن تحركات قوات الطوارئ الدولية ضمن نطاق القرار 1701 هي مشروعة،

وأن الجيش اللبناني يتم إعلامه بتحركات اليونيفيل، لكنه ليس ملزماً بمرافقتها في كل مهمة ميدانية.

ما الذي يريده حزب الله فعلياً؟

المصادر نفسها تؤكد أن حزب الله لا يعارض بقاء قوات اليونيفيل من حيث المبدأ، لكنه يريد تعديل طبيعة عملها لتصبح أقل فعالية، خصوصاً في ما يتعلق بمراقبة تحركاته جنوب نهر الليطاني.

وفي حال لم يتم تقليص صلاحيات اليونيفيل، فإن الحزب لا يمانع في تصعيد الاعتراض الشعبي عليها تمهيداً لإضعافها أو إخراجها من الجنوب.

هذه الاستراتيجية تتزامن مع قرب موعد تجديد مهمة قوات الطوارئ الدولية في لبنان في مجلس الأمن،

ما يجعل من التصعيد الحالي ورقة ضغط يستخدمها الحزب لتحقيق أهدافه.

زيارة قائد الجيش ووزير الدفاع تفضح الحملة

ومن المؤشرات التي تدحض المزاعم عن “تجاوزات اليونيفيل”،

قيام قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل بزيارة إلى مقر قيادة اليونيفيل في الناقورة، حيث التقى قائدها الجنرال أرولدو لاثارو، وناقشا سبل تعزيز التعاون المشترك.

كما زار وزير الدفاع ميشال منسى الناقورة أيضاً، مما يعكس ثقة الدولة اللبنانية بهذه القوات، ويؤكد التنسيق المستمر معها.

الحزب يماطل… والمجتمع الدولي يراقب

إن المواقف المتناقضة لحزب الله تجاه قوات اليونيفيل لا يمكن أن تُفهم إلا في سياق السعي للسيطرة على الواقع الأمني في الجنوب، مع الحفاظ على الشكل الدبلوماسي أمام الخارج.

لكن هذه الازدواجية قد تضر بلبنان أمام المجتمع الدولي، وتزيد من عزلته في وقت هو في أمسّ الحاجة إلى دعم خارجي.

لذلك، بات مطلوباً من الحزب إعلان موقف واضح وصريح من قوات الطوارئ الدولية، بعيداً عن لعبة “الوجهين”،

لأن مستقبل الجنوب اللبناني، واستقرار القرار 1701، على المحك.

لبنان اليوم