“خارج الخدمة”: أزمة التعيينات تشلّ المجلس المركزي لمصرف لبنان

لبنان في مواجهة شلل نقدي جديد… من يُنقذ مصرف لبنان؟

يعيش لبنان مجددًا على وقع أزمة حادّة تطال واحدة من أهم مؤسساته السيادية: مصرف لبنان المركزي. فقد أصبح المجلس المركزي للمصرف رسميًا خارج الخدمة، بعد انتهاء ولاية نواب الحاكم الأربعة، بانتظار التعيينات الجديدة التي لا تزال عالقة في دهاليز السياسة والطائفية.
هذه الأزمة ليست تفصيلًا عابرًا، بل تهدد النظام المالي بكامله، وتطرح أسئلة مصيرية حول استقلالية مصرف لبنان، ومستقبل السياسات النقدية في بلدٍ يعاني من انهيار اقتصادي شامل.

3 سيناريوهات محتملة… ولكن أيها سينتصر؟

السيناريو الأول: التمديد للنواب الأربعة الحاليين

أوساط سياسية مطّلعة تشير إلى أن الخيار الأول على الطاولة هو التمديد للنواب الأربعة الحاليين. هذا القرار يعني الإبقاء على المسار السابق نفسه، بما يحمله من رمزية:

  • استمرار هيمنة القوى السياسية التقليدية على قرارات المصرف.
  • إضعاف قدرة الحاكم الجديد، كريم سعيد، على فرض رؤية إصلاحية أو تجديدية داخل المصرف.
  • تجاهل كل مطالب الإصلاح والتغيير التي رفعها اللبنانيون والمجتمع الدولي منذ سنوات.

السيناريو الثاني: تغيير كامل للنواب الأربعة

الخيار الثاني، الأكثر جرأة نظريًا، هو تعيين أربعة نواب جدد بالكامل، ما قد يشكّل نقطة انطلاق جديدة بالتزامن مع الحاكم الجديد. لكن:

  • هل سيتم اختيار هؤلاء النواب وفق معايير الكفاءة والشفافية؟
  • أم أننا أمام “تغيير شكلي” يعيد إنتاج نفس المحاصصة الطائفية والحزبية؟
  • هل فعلاً سيتحرر الحاكم الجديد من قيود المنظومة السياسية، أم سيجد نفسه في مواجهة توازنات تعطل قراراته؟

السيناريو الثالث: تبديل جزئي… بين التوازن والشكلية

أما السيناريو الثالث، وهو الأضعف حاليًا، فيقترح الإبقاء على بعض النواب وتغيير آخرين.
هذا الخيار يبدو وكأنه محاولة لإرضاء الجميع دون المساس بجوهر المنظومة، وهو ما قد يؤدي إلى:

  • بقاء السياسة النقدية في حالة شلل.
  • استمرار حالة عدم الثقة محليًا ودوليًا.
  • زيادة الإحباط الشعبي من أي أمل بالإصلاح الجدي.

ماذا يعني شلل المجلس المركزي لمستقبل الاقتصاد اللبناني؟

المجلس المركزي في مصرف لبنان هو الجهة العليا المسؤولة عن اتخاذ قرارات استراتيجية تمس حياة كل لبناني. يتألف المجلس من:

  • الحاكم
  • أربعة نواب
  • المدعي العام المالي
  • المدير العام لوزارة المالية
  • المدير العام لوزارة الاقتصاد

غياب النصاب الكامل، بعد فراغ منصب نواب الحاكم، يعني فعليًا تعطيل المجلس المركزي بالكامل، وعدم القدرة على اتخاذ قرارات حيوية تتعلق بالسياسة النقدية، تنظيم السوق، ومراقبة القطاع المصرفي.

صيف ساخن بلا إصلاحات… هل لبنان على حافة الانفجار النقدي؟

لبنان يقف اليوم أمام استحقاق مفصلي.
في ظل تدهور الوضع الاقتصادي، وتدهور الليرة اللبنانية، وتراجع ثقة المودعين والمجتمع الدولي، فإن استمرار تعطيل مصرف لبنان سيُفاقم الأمور، خاصة مع دخول موسم الصيف الذي يُعوَّل عليه لتوفير بعض السيولة من خلال المغتربين والسياحة.

لكن هذه الجرعة لن تكفي إذا بقيت التعيينات خاضعة لمنطق المحاصصة الطائفية والسياسية، وإذا استمرت الدولة بالتعاطي مع المؤسسات الحساسة بعقلية الصفقات، لا الإصلاح.

هل من أمل؟

قد يكون تعيين نواب جدد فرصة حقيقية لإعادة الهيبة لمصرف لبنان، ولكن فقط إذا تمّت التعيينات بناءً على معايير واضحة:

  • الكفاءة والخبرة
  • الشفافية
  • الاستقلالية التامة عن القوى السياسية

وإلا، فلبنان مقبل على مزيد من الشلل النقدي، وربما على انفجار اقتصادي جديد، لن يكون أحد في منأى عن تداعياته.

لبنان اليوم