
في تطور مقلق يُنذر بتغيّر في قواعد اللعبة جنوب لبنان، كشفت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، نقلًا عن مصادر أميركية، أن الولايات المتحدة تدرس بجدية إنهاء دعمها لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل”، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات أمنية وسياسية خطيرة في منطقة حساسة تشهد توتراً مزمناً.
أميركا تهدد… والإلغاء على الطاولة
وفقاً لما نقلته الصحيفة، فإن الإدارة الأميركية لم تتخذ قراراً نهائياً حتى الآن بشأن مصير دعمها لـ”اليونيفيل”، لكنها تُصرّ على “إصلاحات كبرى”، وإذا لم تتحقق هذه المطالب، فقد يعني ذلك انسحاباً فعلياً من الدعم المالي والسياسي الذي تتيحه واشنطن لهذه القوة الأممية منذ سنوات.
ومن المعروف أن تفويض اليونيفيل يُجدد سنوياً بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي، ما يعني أن الولايات المتحدة تمتلك ورقة الفيتو التي يمكن أن تستخدمها لعرقلة التجديد المنتظر في شهر آب المقبل.
موقف إسرائيلي داعم… وتحرك مشترك مع واشنطن
أما صحيفة جيروزاليم بوست فقد ذهبت أبعد من ذلك، مؤكدة أن الولايات المتحدة قررت بالفعل التصويت ضد تمديد تفويض “اليونيفيل”. وأضافت الصحيفة أن هناك توافقاً أميركياً – إسرائيلياً حول ضرورة إنهاء مهمة هذه القوات في الجنوب اللبناني، ما يثير مخاوف حقيقية من فراغ أمني قد يتسبب بانفجار الوضع في أي لحظة.
الناطق باسم اليونيفيل يحذّر: تصعيد خطير يهدد الاستقرار
وفي رد مباشر على التصعيد الإسرائيلي الأخير، شدد الناطق الرسمي باسم قوات “اليونيفيل”، أندريا تيننتي، أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة على الضاحية الجنوبية تُعد تطورًا خطيرًا، ليس فقط لأنها تنتهك السيادة اللبنانية وقرار مجلس الأمن 1701، بل لأنها تهدد الاستقرار الهش في الجنوب، والذي يتأرجح منذ توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية عام 2006.
تيننتي أكد أيضًا أن استمرار التصعيد قد يؤدي إلى تدهور خطير جداً للوضع الأمني، خصوصًا أن الجنوب اللبناني يعاني من نزاع متواصل منذ أكثر من 15 شهراً، وسط انعدام أفق سياسي للحلول.
ماذا يعني غياب “اليونيفيل” عن الجنوب؟
في حال انسحبت الولايات المتحدة من دعم “اليونيفيل”، سواء عبر وقف التمويل أو استخدام حق النقض لتعطيل التمديد، فإن ذلك سيؤدي إلى أحد احتمالين:
- تقلص قدرة اليونيفيل بشكل كبير على تنفيذ مهامها، خاصة المراقبة والوساطة بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي.
- انسحاب تدريجي أو كامل للقوات الدولية من الجنوب، مما يرفع منسوب التوتر ويُفسح المجال أمام أيّ اشتباك يمكن أن يتحول إلى حرب شاملة.
ويخشى مراقبون أن يؤدي هذا التطور إلى إعادة رسم قواعد الاشتباك، وربما فتح الباب أمام تصعيد عسكري إسرائيلي بذريعة غياب المراقبة الدولية.
الجنوب اللبناني على مفترق خطير
ما يجري اليوم على الساحة الدولية تجاه قوات “اليونيفيل” هو أكثر من مجرد خلاف دبلوماسي. إنه تحوّل استراتيجي قد يُعيد الجنوب اللبناني إلى مربع الخطر والانفجار. فالانسحاب الأميركي من دعم اليونيفيل أو تعطيل عملها لا يُهدد فقط الاستقرار الهش، بل يُعرّض لبنان بكامله لمخاطر كبيرة في ظل الانهيار الداخلي والانقسام السياسي الحاد.
في هذا الإطار، يبدو أن على الدولة اللبنانية أن تتحرك سريعاً عبر القنوات الدبلوماسية وتفعيل الحوار مع الأمم المتحدة والدول المعنية، لتفادي فراغ أمني قد لا يحتمله لبنان في هذه المرحلة الحرجة.