إسرائيل تستدعي الاحتياط ... هل لبنان على حافة الانفجار الشامل؟

إسرائيل تستدعي الاحتياط … هل لبنان على حافة الانفجار الشامل؟

في خضمّ التوترات الإقليمية المتصاعدة، عاد لبنان إلى صدارة المشهد الأمني بعد معلومات خطيرة كشفت عنها صحيفة “وول ستريت جورنال”، تفيد بأنّ الدولة اللبنانية أحرزت تقدّماً غير متوقّع في ملف نزع سلاح “حزب الله”.

هذا التقدّم الذي “فاجأ” مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، بحسب الصحيفة، ترافق مع مؤشّرات ميدانية خطيرة على الجبهة الشمالية مع فلسطين المحتلّة،

حيث قامت إسرائيل باستدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط في تحرّكٍ استثنائي أعاد إلى الأذهان أجواء ما قبل الحروب الكبرى.

فما علاقة لبنان باستدعاء إسرائيل لهذا العدد الضخم من الجنود؟ وهل نحن أمام مواجهة وشيكة؟ أم أنّ الضغوط السياسية ستؤتي ثمارها قبل فوات الأوان؟

الجيش اللبناني ونزع سلاح “حزب الله”: تقدّم ميداني أم تكتيك سياسي؟

في تطوّر غير مسبوق، صرّح رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام لصحيفة “وول ستريت جورنال” أنّ حكومته “حقّقت 80 في المئة من أهدافها في نزع سلاح الحزب”،

مؤكّداً أن هدف الدولة ليس جرّ البلاد إلى حرب أهلية، بل الوصول إلى حلّ ضمن المؤسسات.

التصريح، الذي يأتي في مرحلة دقيقة من التوتر الأمني، أعاد إحياء النقاش الداخلي حول مدى قدرة الدولة اللبنانية فعلاً على تطبيق القرار الدولي 1701،

في وقتٍ لا تزال فيه الحدود الجنوبية عرضة لخروقات يومية من قِبل إسرائيل، بينما “حزب الله” لا يظهر أي إشارات فعلية على استعداده للتخلي عن ترسانته العسكرية.

عودة العصا الأميركية! مورغان أورتاغوس في بيروت مجددًا و إسرائيل تستدعي الاحتياط …

لم تمضِ أيام على تلك التصريحات حتى تردّدت معلومات عن عودة مرتقبة للموفدة الأميركية الخاصة مورغان أورتاغوس إلى بيروت،

بعد سلسلة لقاءات كانت قد أجرتها في السابق مع مسؤولين لبنانيين حول ملف تطبيق القرار 1701.

ويُذكر أنّ واشنطن كانت قد أعربت عن “استيائها” من تباطؤ الدولة اللبنانية في نزع سلاح الحزب،

محذّرة من أن “الفرصة الذهبية” التي توفّرت للبنان بعد وقف إطلاق النار الأخير قد لا تدوم طويلاً.

ويبدو أنّ الإدارة الأميركية تدفع باتجاه تسريع العملية عبر الضغوط الدبلوماسية،

لكن السؤال الأبرز: هل يمكن فعلاً حلّ هذا الملف سياسيًا في ظلّ رفض “حزب الله” المعلن لأي نقاش يمسّ بمقاومته؟

الرئيس جوزاف عون يطرح الحوار بين الواقعية والتحدي

في خطوة توصف بالواقعية، حاول رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون طرح “الحوار” كبديل عن المواجهة،

مقترحًا فتح نقاش مباشر مع “حزب الله” حول مستقبل سلاحه داخل الدولة اللبنانية.

الطرح، رغم عقلانيته، لا يُلغي حقيقة أن الحزب لا يزال متمسّكًا بسلاحه باعتباره “جزءاً من عقيدته الدفاعية”،

بحسب تعبير قياديين فيه، في وقتٍ يرى فيه خصومه أن هذا السلاح أصبح عبئًا على الدولة وسببًا للعزلة الدولية.

وبين من يدعو لنزع السلاح عبر التفاوض ومن يطرح القوة كخيار أخير، يتربّص شبح المواجهة القادمة من الجبهة الجنوبية.

إسرائيل تستدعي الاحتياط، 450 ألف جندي!! ماذا يعني هذا للبنان؟

التحرك الأخطر جاء من إسرائيل، التي استدعت، وفق معلومات أمنية، قرابة 450 ألف جندي احتياطي،

وهي خطوة لا يُستهان بها في الحسابات العسكرية.

العميد المتقاعد جورج نادر أكّد في تصريح لموقع MTV أن هذا الاستدعاء “ليس لتحريك الجبهة مع الأردن أو مصر، ولا حتى لسوريا التي تنشط فيها إسرائيل كما تشاء،

بل هو تحضير واضح لاجتياح محتمل للبنان، والهدف نزع سلاح حزب الله بالقوة”.

وأشار نادر إلى أن هناك سيناريوهين فقط:

  1. إمّا أن يتم التوصّل إلى اتفاق داخلي بين الدولة والحزب، يؤدي إلى تسليم السلاح بشكل تدريجي.
  2. أو أن يُكلّف الجيش اللبناني بتنفيذ المهمة بالقوّة، ما قد يُشعل حربًا أهلية أو يُفجّر صدامًا إقليميًا كبيرًا.

وأضاف نادر: “إذا لم يُقتنع حزب الله بالخيار اللبناني، فإن السيناريو الدموي الإسرائيلي جاهز، والتنفيذ قد يكون مسألة وقت لا أكثر”.

غارات الجنوب والبقاع، رسائل نارية تمهّد للمواجهة؟

قبل أيام فقط، شنّت إسرائيل غارات عنيفة على مواقع في الجنوب والبقاع، في تصعيد غير مألوف منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني.

هذا التصعيد، بحسب مراقبين، يُشكّل رسالة واضحة بأنّ إسرائيل لا تعوّل على الوساطات، وأنّ “المهلة المعطاة” لنزع السلاح داخليًا قد شارفت على الانتهاء.

ويُخشى من أن تكون هذه الضربات تمهيدًا لعملية عسكرية أكبر في حال فشلت الجهود الدبلوماسية.

إسرائيل تستدعي الاحتياط والخطر يقترب… ماذا لو انفجر الوضع؟

المخاوف لا تقتصر على الجانب السياسي، بل تشمل أيضًا تداعيات أمنية وإنسانية ضخمة.

أي حرب جديدة على لبنان ستُدمّر البنية التحتية المنهكة أصلاً، وتُفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية، وتُهدّد بانهيار شامل للقطاع الصحي والغذائي.

كما أنّ احتمالات التصعيد لا تعني فقط صدامًا مباشرًا مع “حزب الله”، بل قد تجرّ البلاد إلى تدخلات خارجية وصراع إقليمي أوسع، لا أحد قادر على احتوائه.

بين الحوار والانفجار… من يُنقذ لبنان؟

لبنان اليوم يقف على مفترق طرق مصيري.

فإما أن يُستكمل الحوار الداخلي بين الدولة و”حزب الله” للوصول إلى صيغة تضمن وحدة القرار والسلاح تحت مظلة الشرعية، وإمّا أن تنفجر الجبهة الجنوبية من جديد لتُدخِل لبنان في أتون حرب مدمّرة لا يعلم أحد كيف تنتهي.

ووسط الاستنفار الإسرائيلي، والتحذيرات الأميركية، والانقسام الداخلي، يبقى مصير لبنان معلّقًا على خيط رفيع… فهل يتحرّك العقلاء قبل فوات الأوان؟

لبنان اليوم