انفجار سياسي يلوح بالأفق

انفجار سياسي يلوح بالأفق!! ولا “فترة سماح” أميركية بعد اليوم

تشهد العلاقة بين رئيس الحكومة نواف سلام و”حزب الله” تصعيدًا غير مسبوق،

يُنذر بصدام سياسي مفتوح في قادم الأيام، وسط دعم خارجي واضح لمواقف سلام،

وتبدّل ملحوظ في نبرة الخطاب الأميركي تجاه لبنان.

فهل دخل لبنان فعليًا في مرحلة “كسر المحرّمات”؟ وهل يكون سلاح “حزب الله” المحطة التالية للمواجهة الداخلية والخارجية معًا؟

“سلام صهيوني”! هتافات لا تُطمَس بسهولة

في مشهد غير مألوف، هتف أنصار “حزب الله” من المدينة الرياضية ضد رئيس الحكومة نواف سلام واصفين إياه بـ”الصهيوني”،

على خلفية تصريحاته الأخيرة التي أكد فيها أنّ “لا سلاح خارج سلطة الدولة”، وأن “عصر تصدير الثورة الإيرانية قد انتهى”. هذه الهتافات،

التي لم تمرّ مرور الكرام، كانت بمثابة مؤشر واضح على تصدّع العلاقة بين الطرفين،

خصوصًا أن الرد الرسمي من كتلة “الوفاء للمقاومة” جاء على لسان النائب محمد رعد من قصر بعبدا،

إذ قال إنه “لن يرد على الرئيس سلام حفاظًا على ما تبقى من ودّ”.

من البيان الوزاري إلى الانفجار، ماذا تغيّر؟

ما يثير الاستغراب أن “حزب الله” سبق ومنح الثقة لحكومة نواف سلام استنادًا إلى بيان وزاري واضح ينصّ صراحةً على “حصر السلاح بيد الدولة”،

وهو ما تؤكده مصادر سياسية متابعة، متسائلةً عن سبب هذا الانقلاب في موقف الحزب.

هل كانت الموافقة على البيان مناورة تكتيكية؟ أم أن تصعيد سلام تجاوز “الخطوط الحمراء”؟

في الواقع، لم تكن تصريحات نواف سلام في دبي مجرد خطاب عابر في محفل إعلامي، بل كانت بيان نوايا واضحًا تجاه مشروع دولة يرفض “ثنائية السلاح” و”ثنائية القرار”.

قالها بوضوح: “مشروعنا يقوم على تلازم الإصلاح والسيادة… نريد لبنان الذي يمتلك قراره في السلم والحرب”.

هذه الجملة وحدها كافية لنسف التوازنات الهشة التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة منذ اتفاق الطائف.

دعم إماراتي وأميركي غير مسبوق

على هامش مشاركته في “قمة الإعلام العربي 2025″، التقى الرئيس سلام بالشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات، الذي أعاد تأكيد موقف بلاده الثابت تجاه وحدة لبنان وسيادته ودعمه للاستقرار والتنمية. لكن الأهم جاء من جهة أكثر حساسية: الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، التي أبدت إعجابها العلني بمواقف سلام، بحسب معلومات دبلوماسية.

مصادر متابعة أكدت أن أورتاغوس ستزور لبنان قريبًا، ولن تأتي هذه المرة حاملة “نصائح” دبلوماسية ناعمة، بل “مهلًا زمنية محددة” تطالب بتسليم سلاح “حزب الله” من شمال الليطاني وجنوبه على حدّ سواء. ووفق المعلومات نفسها، فإن واشنطن أبلغت المعنيين في بيروت بأنّ “لا فترة سماح” بعد اليوم، وهي عبارة تعكس تحوّلاً كبيرًا في استراتيجية الضغط الأميركية.

ضغوط إسرائيلية و انفجار سياسي يلوح بالأفق

التحول لا يقف عند حدود التصريحات الأميركية. فإسرائيل – بحسب ما تسرّب من أروقة دبلوماسية – ترفض الانسحاب من النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها في الجنوب اللبناني، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل حول النقاط الـ13 المتنازع عليها على الحدود البرية. وهذه الخطوة تأتي ضمن سلّة ضغوط إضافية تشمل رفض التمديد لقوات “اليونيفيل”، ما يفتح الجنوب اللبناني على احتمالات مقلقة في حال انسحاب القوات الدولية من مواقعها.

هذا التهديد غير المباشر يعيد إلى الأذهان المعادلة التي لطالما اعتمدتها تل أبيب: الضغط السياسي يواكبه ضغط أمني. وبالتالي، فإن ملف السلاح لم يعد شأنًا داخليًا فحسب، بل بات ورقة إقليمية – دولية على الطاولة، تُستخدم لترتيب توازنات جديدة في لبنان ما بعد الانهيار الاقتصادي.

حكومة في مرمى النيران… و”رئيس صدامي”

ما لا يمكن تجاهله أن نواف سلام لم يأتِ من خلفية سياسية تقليدية، بل من خلفية دبلوماسية حقوقية، جعلته أكثر جرأة في طرح الملفات “الممنوعة”. ولعلّ هذه الصراحة، التي كانت تفتقر إليها حكومات سابقة، هي التي فتحت عليه أبواب المواجهة سريعًا. فبعد ثلاثة أشهر فقط على نيل حكومته الثقة، أصبح الرجل في مرمى “الفيتو السياسي” من أقوى مكوّن في الدولة.

لكن سلام لا يبدو متراجعًا. بل على العكس، فإن خطابه في دبي دلّ على نيّة واضحة لمواصلة المسار، حتى وإن أدى ذلك إلى المواجهة. “لن نظل صامتين بشأن الأسلحة خارج سيطرة الدولة… نطالب بالسلام”، قالها في محفل إعلامي دولي، أمام جمهور عربي ودولي، ما يعني أن تصريحاته لم تعد موجهة للاستهلاك المحلي، بل أصبحت رسالة للخارج بأن هناك من يريد استعادة لبنان المخطوف.

إلى أين تتجه الأمور؟

السؤال الذي يطرحه الجميع اليوم: هل نحن أمام بداية قطيعة فعلية بين “حزب الله” ورئيس الحكومة؟ وإذا كانت العلاقة بين الحزب ورئيس الجمهورية تُوصف بـ”المميزة”، فكيف يمكن التوفيق بين هذا الواقع، وعلاقة عدائية متصاعدة مع رئيس الحكومة؟

المعادلة باتت معقّدة، خصوصًا أن الأميركيين، ومعهم الخليجيون، يبدو أنهم وجدوا في نواف سلام فرصة لإعادة طرح مشروع الدولة. وفي المقابل، لا يبدو “حزب الله” مستعدًا للتنازل عن “سلاحه الاستراتيجي”، أو السماح بأن يكون ملف السلاح بندًا تفاوضيًا بيد حكومة ذات دعم خارجي.

انفجار سياسي يلوح بالأفق!! هل فُتحت معركة “السلاح” فعليًا؟

من الواضح أن لبنان دخل مرحلة جديدة، عنوانها المواجهة المفتوحة بين مشروع “السيادة الكاملة” ومشروع “التوازنات القائمة على السلاح”. ومع تصاعد المواقف الإقليمية والدولية، واشتداد الحصار الاقتصادي، فإن الأيام المقبلة ستكون حاسمة.

فإما أن ينجح نواف سلام في فرض معادلة جديدة تُعيد الاعتبار للدولة اللبنانية، أو يُقابل بعاصفة سياسية تُعيد إنتاج الشلل والتعطيل… والقرار في نهاية المطاف ليس في بيروت وحدها، بل في عواصم القرار الكبرى، من واشنطن إلى طهران.

لبنان اليوم