النمر الجريح

الحزب في مواجهة العاصفة!! النمر الجريح يعاني من أزمة ثقة، اختراقات استخباراتية، وخسائر تهدّد مستقبله

في تطور لافت يكشف عن حجم الضغوط التي يتعرض لها “حزب الله”، نشر معهد “ألما” الإسرائيلي،

وهو مركز أبحاث متخصص في شؤون الأمن والدفاع،

تقريرًا موسعًا يشير إلى أن الحزب يواجه واحدة من أعقد مراحله منذ تأسيسه.

التقرير الذي لفت انتباه وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية،

وضع “حزب الله” في صورة النمر الجريح، الذي لا يزال قادرًا على الحركة،

لكنه يعاني داخليًا من نزف متواصل قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في بنيته وأدائه.

أزمة الثقة داخل صفوف حزب الله النمر الجريح

من أبرز ما جاء في التقرير هو وجود أزمة ثقة متفاقمة داخل الحزب،

لا سيما بين المستويات القيادية والعناصر الميدانية.

هذه الأزمة تفاقمت بعد الضربات النوعية التي استهدفت قيادات بارزة في الحزب،

مما دفع العديد من العناصر إلى الشكوك حول وجود اختراقات استخباراتية داخلية.

أعضاء الحزب، بحسب التقرير، باتوا يشعرون بأن تنظيمهم لم يعد محصنًا كما كان سابقًا،

وأن إسرائيل استطاعت اختراق شبكاته الأمنية بدقة.

هذه الشكوك تؤثر سلبًا على التنسيق الميداني والقرارات العملياتية،

وهو ما قد يؤدي إلى المزيد من التشتت وضعف الانضباط في الميدان.

خسائر جسيمة في القيادات والبنية التحتية

تطرّق التقرير أيضًا إلى الخسائر الميدانية الفادحة التي تكبّدها الحزب.

فبحسب معهد “ألما”، فإن أكثر من 15% من قوام الحزب تعرّض للتدمير أو الإعاقة،

كما تم القضاء على عدد كبير من قادته الميدانيين الذين كانوا يشكلون عصب العمليات العسكرية والاستخباراتية.

من بين الوحدات المتضررة بشدة:

  • وحدة “الرضوان”: التي فقدت قدراتها على تنفيذ عمليات تسلل هجومية باتجاه الجليل، وهو ما يمثل ضربة كبيرة في عمق عقيدة الحزب الهجومية.
  • وحدتا “النصر” و”العزيز”: اللتان تلقتا ضربات دقيقة ومركزة، قللت من كفاءتهما القتالية في الجنوب اللبناني.

تدمير البنية التحتية تحت الأرض في جنوب لبنان، والتي كانت تُستخدم للتهريب والتخزين والاختباء،

يُعد تطورًا نوعيًا في المواجهة. ومع ذلك، لا تزال بعض المنشآت تحت الأرض قائمة في مناطق شمال الليطاني وداخل سهل البقاع، ما يشير إلى استمرار قدرة الحزب على الصمود في بعض المناطق.

التدخل الإيراني لإعادة تأهيل النمر الجريح

رغم هذه الخسائر، إلا أن إيران، بحسب التقرير، لا تزال ملتزمة بدعم “حزب الله” ماليًا ولوجستيًا. هذا الدعم يشمل:

  • تهريب الأسلحة الحديثة عبر الحدود السورية.
  • إرسال أموال نقدية وذهب لتمويل عمليات الحزب.
  • مساعدة في إنشاء خطوط إنتاج ذاتي للأسلحة والذخائر.
  • تقديم دعم استخباراتي لمواجهة الاختراقات الإسرائيلية.

يشير التقرير إلى أن هذا الدعم الإيراني جزء من استراتيجية أوسع تسعى من خلالها طهران إلى الحفاظ على نفوذها الإقليمي عبر حلفائها، وخصوصًا “حزب الله” في لبنان.

الضغوط الداخلية في لبنان

داخليًا، يواجه الحزب تحديات متزايدة على الساحة اللبنانية.

فقد أشار التقرير إلى وجود “تنمّر سياسي” متصاعد عليه من قبل أطراف لبنانية بدأت تُطالب علنًا بإعادة النظر في سلاح الحزب ودوره العسكري خارج سلطة الدولة.

كما أن الجيش اللبناني بات أكثر نشاطًا مؤخرًا في بعض المناطق الحساسة، بالتوازي مع صعود قوى سياسية جديدة تسعى لكسر احتكار الحزب للقرار الأمني في الجنوب والبقاع.

ومع تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان، يجد الحزب نفسه في موقع حرج أمام جمهوره. فالكثير من بيئته الحاضنة باتت تشكو من سوء الأحوال المعيشية، وتتساءل عن جدوى استمرار الحزب في خوض معارك خارجية أو داخلية لا تخدم مصلحة المواطن اللبناني.

إسرائيل: في حالة ترقّب وتحفّز

أفاد التقرير أن القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية تنظر إلى الوضع الحالي للحزب على أنه “فرصة تاريخية” لإضعافه أكثر فأكثر.

وتشير التقديرات إلى أن هناك سباقًا مع الزمن بين قدرة الحزب على إعادة بناء نفسه، واستمرار العمليات العسكرية والاستخباراتية التي تستهدف شل حركته.

ورغم استمرار إسرائيل في سياستها الحذرة، إلا أنها تضع خيار التوسع في العمليات العسكرية على الطاولة، خصوصًا إذا ما رصدت مؤشرات واضحة على تعافي الحزب أو استعداده لتنفيذ عمليات هجومية.

مستقبل “حزب الله”: هل من سيناريو للتفكيك؟

في ختام التقرير، يؤكد معهد “ألما” أن نزع سلاح الحزب لم يعد مجرد حلم، بل تحول إلى احتمال واقعي، لكن بشرط توافر الإرادة السياسية من الجانبين اللبناني والإسرائيلي.

وبحسب التقرير، فإن العقيدة الإيديولوجية للحزب – القائمة على ما يسمّى “المقاومة المسلحة” – لا تزال راسخة، ما يعني أن أي تحوّل في هذا الاتجاه يحتاج إلى ضغوط خارجية قوية، وتفاهمات داخلية لبنانية عميقة، وإعادة بناء للثقة بين المكونات السياسية.

ومع أن الحزب يبدو في حالة ضعف نسبي، إلا أن خطورته لا تزال قائمة.

فقد أشار التقرير إلى أن الحزب، مثل “النمر الجريح”، قد يتصرف بطريقة غير متوقعة إذا شعر بأنه محاصر تمامًا، وقد يلجأ إلى تصعيد داخلي أو خارجي لتغيير موازين القوى.

ما كشفه تقرير “ألما” يشير إلى أن “حزب الله” يقف عند مفترق طرق حاسم،

بين البقاء كقوة مهيمنة في لبنان، أو الدخول في مسار انحداري قد يُفقده الكثير من النفوذ والتأثير.

في ظل كل ما يجري، يبرز السؤال الأهم: هل يتمكن الحزب من الصمود وإعادة التموضع، أم أن المتغيرات المحلية والإقليمية ستفرض عليه التحول من “النمر الجريح” إلى كيان عاجز عن استعادة قوته السابقة؟

المرحلة القادمة كفيلة بالإجابة، لكن المؤكد أن “حزب الله” لم يعد اليوم كما كان قبل سنوات، وأن لبنان، ومعه المنطقة، على موعد مع تغييرات كبيرة قد تعيد رسم خارطة القوى.

لبنان اليوم