صيف لبنان 2025 ، آمال كبيرة وواقع اقتصادي مأزوم

Telegram     WhatsApp
صيف لبنان 2025

لبنان اليوم

صيف لبنان 2025

مع حلول موسم الصيف لعام 2025، يبدأ لبنان استعداداته لاستقبال آلاف السياح من مختلف دول العالم، في خطوة ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.
التوقعات تشير إلى إمكانية تحقيق إيرادات سياحية تصل إلى 4 مليارات دولار، وهو رقم ضخم قد يسهم في إنعاش بعض القطاعات. لكن هل يشكل هذا الموسم حلاً مستداماً، أم مجرد فرصة موسمية لا تلبث أن تنتهي مع انتهاء فصل الصيف؟


صيف لبنان 2025 أمل اقتصادي مؤقت

لطالما اعتُبرت السياحة في لبنان أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، خاصة خلال فصل الصيف حين يعود المغتربون ويقصد السائحون المناطق الساحلية والجبلية. الفنادق بدأت تحجز غرفها، والمطاعم تستعد لاستقبال الزوار، والأسواق التجارية أعادت ترتيب رفوفها ترقباً لحركة نشطة تبدو واعدة.

لكن الواقع يشير إلى أن هذه الجرعة الاقتصادية قد تكون مؤقتة، في ظل غياب سياسات حكومية واضحة للاستفادة الحقيقية منها. إذ لا توجد حتى اليوم خطة استراتيجية لاستثمار الإيرادات السياحية بشكل مستدام يخدم الاقتصاد الوطني على المدى الطويل.


التهرب الضريبي يبدّد الفوائد

أحد أبرز التحديات التي تواجه القطاع السياحي في لبنان هو التهرب الضريبي الواسع. ورغم توقعات بتحقيق 4 مليارات دولار من العائدات، إلا أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال لا يدخل خزينة الدولة.

بحسب تقديرات وزارة المالية، يصل التهرب الضريبي إلى 50%، ما يعني أن حوالي 2 مليار دولار تبقى خارج النظام الضريبي. ولو فرضنا أن الضريبة على هذه الإيرادات تبلغ 15%، فإن الدولة تخسر ما يقارب 300 مليون دولار سنوياً.
هذه الأموال الضائعة كانت لتشكل مصدر دعم حيوي للخزينة العامة، وتسهم في تخفيف عبء الدين العام أو تحسين الخدمات الأساسية.


ارتفاع الأسعار: المواطن يدفع الثمن

مع زيادة عدد السياح، ترتفع الأسعار في الفنادق والمطاعم والمحلات التجارية، مستغلة القدرة الشرائية العالية للزوار الأجانب والمغتربين الذين يدفعون بالدولار.
لكن هذه الزيادة تنعكس سلباً على المواطن اللبناني العادي، الذي يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية. فتكاليف المعيشة اليومية تزداد بشكل ملحوظ، من الطعام إلى وسائل النقل والخدمات الأساسية.

ويبدو أن وزارة الاقتصاد اللبنانية غير قادرة على ضبط الأسعار أو مراقبة الأسواق، ما يجعلها أشبه بشاهد زور على واقع اقتصادي شاذ، يرهق الطبقات الوسطى والفقيرة.


تذاكر السفر الباهظة تحرم المغتربين من الوطن

يشكل المغتربون اللبنانيون شريحة أساسية من السائحين في الصيف. لكن مع ارتفاع أسعار تذاكر السفر بنسبة 100% مقارنة بالسنوات السابقة، يجد الكثير من اللبنانيين في الخارج صعوبة في زيارة وطنهم.

العديد من هؤلاء المغتربين ينتمون إلى الطبقات المتوسطة والعاملة، ولا يستطيعون تحمّل تكاليف باهظة تتراوح بين 1000 و1500 دولار للتذكرة الواحدة. ما قد يؤدي إلى انخفاض عدد الزائرين من الخارج، وبالتالي خسارة جزء من العائدات السياحية المحتملة.


الاعتماد الكبير على العمالة السورية خلال صيف لبنان 2025

تعتمد معظم المؤسسات السياحية في لبنان على العمالة السورية، خاصة في قطاعات الضيافة والخدمات مثل التنظيف، والمطاعم، والنقل.

ورغم أن هذه العمالة توفّر يدًا عاملة رخيصة وسريعة التكيّف، إلا أن نسبة كبيرة من الأرباح تخرج من البلاد على شكل تحويلات مالية إلى سوريا.

وتشير التقديرات إلى أن هذه التحويلات قد تصل إلى مئات ملايين الدولارات سنوياً، وهي أموال لا يستفيد منها الاقتصاد اللبناني المحلي.


تأثير اقتصادي محدود رغم تدفق الدولار

رغم تدفق الدولار من خلال السياحة، فإن التأثير الاقتصادي يبقى محدودًا.

يعود ذلك إلى اعتماد لبنان الكبير على الاستيراد الخارجي، حيث يُستورد أكثر من 80% من حاجات السوق، ما يعني أن جزءًا كبيرًا من الأموال يُصرف على شراء سلع أجنبية.

وبالتالي، بدل أن تعزز الأموال المتدفقة الاقتصاد الوطني، تذهب إلى الخارج،

مما يعمّق العجز في الميزان التجاري ويمنع تكوين دورة اقتصادية محلية فاعلة.


الاقتصاد النقدي يعيق التنمية

من التحديات البنيوية أيضاً في لبنان هيمنة الاقتصاد النقدي (الكاش)، الذي يُقدّر أنه يشكل 50% من الناتج المحلي الإجمالي.
فمع انهيار الثقة في القطاع المصرفي، يفضّل المواطنون والمؤسسات الاحتفاظ بأموالهم نقداً أو إيداعها في مصارف أجنبية.

وهذا الوضع يمنع البنوك اللبنانية من الاستفادة من هذه السيولة في تقديم القروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو دعم الاستثمارات الإنتاجية، مما يحد من فرص النمو ويُبقي الاقتصاد في دائرة الركود.


الاقتصاد الريعي، مشكلة متجذّرة تعيق صيف لبنان 2025

منذ تسعينيات القرن الماضي، اعتمد لبنان على الاقتصاد الريعي القائم على السياحة والعقار والخدمات المالية،

وأهمل القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة.
وعند تدفّق الأموال من المغتربين والسياح، لم تُستثمر لبناء اقتصاد مستدام، بل ذهبت إلى الاستهلاك والربح السريع.

ومع انفجار الأزمات السياسية والمالية، تبيّن ضعف هذا النموذج، وعجزه عن تأمين الاكتفاء الذاتي أو توفير فرص عمل مستدامة.


السياحة وحدها لا تكفي، الحاجة إلى رؤية شاملة

في ظل هذه المعطيات، لا يمكن الاعتماد على السياحة وحدها لإنقاذ الاقتصاد اللبناني.
فهي تشكّل رافعة مؤقتة قد تنفع في تخفيف حدة الأزمة، لكنها ليست حلاً شاملاً أو دائماً. المطلوب هو وضع رؤية اقتصادية متكاملة تعتمد على:

  • دعم القطاعات الإنتاجية
  • إصلاح النظام الضريبي
  • تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد
  • إعادة الثقة بالقطاع المصرفي
  • تنمية السياحة الريفية والبيئية والمستدامة

فقط من خلال إصلاح شامل، يمكن للبنان أن يحوّل المواسم السياحية من فرصة موسمية إلى رافعة دائمة للنمو الاقتصادي.


آمال كبيرة تتطلب قرارات جريئة لنجاح صيف لبنان 2025

يبقى موسم الصيف في لبنان مناسبة مهمة لتحريك العجلة الاقتصادية، لكنه لن يحقق النتائج المرجوة دون إصلاحات حقيقية وجدية.
المطلوب من الدولة أن تتعامل مع هذا الموسم كفرصة لوضع أسس جديدة لنمو اقتصادي شامل،

لا أن تكرّر أخطاء الماضي وتعوّل فقط على الدولارات الآتية من الخارج.

ففي بلد يُعدّ من أجمل الوجهات السياحية في الشرق الأوسط، لا بد أن يكون الاستثمار في السياحة جزءًا من استراتيجية وطنية مستدامة، لا مجرّد فرصة مؤقتة سرعان ما تتلاشى مع أول أزمة.


يحدث الآن

23:55
البيت الأبيض: الرئيس دونالد ترامب يلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض صباح الأربعاء
23:25
ماكرون: يجب الضغط على “إسرائيل” ومن المعقول الحديث عن إعادة النظر في اتفاقيات الشراكة بينها والاتحاد الأوروبي
23:05
ماكرون: ما يقوم به نتنياهو في غزة مخز
23:03
الجيش الإسرائيلي: قمنا بالتعاون مع الشاباك بتصفية حسن اصليح الذي تخفى كصحافي وعمل في صفوف حمـ.ـاس
21:36
الليرة السورية ترتفع إلى 9000 مقابل الدولار بعد إعلان ترمب رفع العقوبات عن سوريا
21:14
الاحتفالات تعم المحافظات السورية من ادلب وحلب شمالا حتى السويداء ودرعا جنوبا بعد قرار ترامب برفع العقوبات
21:02
لا يوجد غارة في كفررمان ، وإنما إنفجار جسم من مخلفات الحرب
20:52
وزير الخارجية السوري: ترامب قادر على تحقيق اتفاق سلام تاريخي
20:46
غارة مسيرة تستهدف دوحة كفررمان
20:42
الرئيس عون: أتمنى أن يكون قرار رفع العقوبات الشجاع خطوة أخرى على طريق استعادة سوريا لعافيتها واستقرارها، بما ينعكس خيراً على لبنان وكل منطقتنا وشعوبها

حمل تطبيق الهاتف المحمول