مخطط الشرق الأوسط الجديد يعود مع عودة ترامب، ماذا عن لبنان؟
مايو 13, 2025
مخطط الشرق الأوسط الجديد
مخطط الشرق الأوسط الجديد – بالنظر إلى التطورات السياسية الإقليمية وعودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي،
تتعزز المؤشرات على عودة “مخطط الشرق الأوسط الجديد” إلى الواجهة،
بخاصة مع التحركات الأميركية الأخيرة في المنطقة والتي تحمل بصمات واضحة لإعادة صياغة التوازنات الجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية.
المخطط الذي طُرح في ولايته الأولى يعود اليوم بحلّة جديدة وأكثر جرأة،
في ظل المتغيرات العالمية وتراجع أدوار بعض القوى الإقليمية.
مخطط الشرق الأوسط الجديد يعود مع عودة ترامب، ماذا عن لبنان؟
خطة إقليمية شاملة بتوقيع ترامب
تشير التحركات الأميركية الأخيرة إلى إعادة إحياء مشروع “التسوية الكبرى” الذي بدأ طرحه خلال ولاية ترامب الأولى.
وتتضمن هذه الخطة إعادة رسم التحالفات الإقليمية في ضوء تطبيع أوسع مع إسرائيل،
مقابل تقديم دعم عسكري واقتصادي كبير لدول الخليج، لا سيما السعودية،
التي تعيش مرحلة إعادة هيكلة داخلية وتحديث اقتصادي واسع في إطار رؤية 2030.
زيارة ترامب المرتقبة للمنطقة، والتي تشمل السعودية والإمارات وقطر،
تأتي في إطار وضع اللمسات الأخيرة على “باقة سياسية وأمنية” تشمل احتواء إيران،
تقليص نفوذ أذرعها في المنطقة، والتقدم في مسار التطبيع العربي – الإسرائيلي، مقابل ضمانات أمنية واضحة من الولايات المتحدة.
إسرائيل والتطبيع مقابل النووي الإيراني
وفق التسريبات الدبلوماسية، فإن ترامب يعكف حالياً على صياغة اتفاق نووي “محسن” مع إيران،
يُبقي على بعض العقوبات مع تقديم تسهيلات مشروطة.
في المقابل، تُطلب من طهران تنازلات تتعلق ببرنامجها الصاروخي، ودورها الإقليمي، لا سيما في العراق وسوريا ولبنان.
التطبيع بين السعودية وإسرائيل هو جزء أساسي من هذا المخطط، لكن بشروط واضحة من الجانب السعودي،
منها تقديم التزامات أميركية بحل الدولتين، وضمانات أمنية توازي تلك التي تقدمها واشنطن لتل أبيب.
ما يُشكل ضغطاً متزايداً على الحكومة الإسرائيلية، خاصة مع وجود يمين متطرف يرفض أي تنازل للفلسطينيين.
ماذا عن لبنان في مخطط الشرق الأوسط الجديد؟
لبنان ليس بعيداً عن هذه المعادلة، بل يُعد من أوائل المتأثرين بها.
فبمجرد نجاح التسوية الأميركية – الإيرانية،
سيتغير الكثير في الداخل اللبناني. ومن أبرز التأثيرات:
- ملف حزب الله: أحد أبرز المواضيع المطروحة على الطاولة. فالولايات المتحدة ترى في الحزب امتداداً للنفوذ الإيراني في المنطقة، وأي اتفاق مع طهران لن يمر دون ضبط هذا النفوذ. وهذا يعني إما حصر دور الحزب في الإطار السياسي الداخلي أو دفعه نحو تفكيك جناحه العسكري تدريجياً.
- ترسيم الحدود مع سوريا: الملف العالق منذ عقود بدأ يتحرك، خاصة بعد تسلم لبنان خرائط فرنسية دقيقة تعود إلى حقبة الانتداب.
يبدو أن واشنطن تدفع باتجاه تسوية شاملة، تشمل ترسيم الحدود مع كل من سوريا وإسرائيل،
وربما حلّ قضية مزارع شبعا ضمن هذا الإطار. - اللاجئون الفلسطينيون والسوريون: هذه القضية مرشحة للتصعيد، خاصة إذا تم الاتفاق على حل نهائي للقضية الفلسطينية يشمل توطين جزئي في بعض البلدان، منها لبنان،
ما يهدد التوازن الديموغرافي اللبناني ويزيد من الضغوط الداخلية. - الملف الاقتصادي والمالي: أي انفراج إقليمي سينعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان،
خاصة إذا شمل دعماً مالياً مباشراً من الخليج، واستثمارات أميركية في البنية التحتية والطاقة.
الواقع اللبناني أمام مفترق طرق في حال تطبيق مخطط الشرق الأوسط الجديد
في ظل هذا السيناريو، يقف لبنان أمام مفترق طرق حقيقي:
فإما أن يندمج في التسوية الإقليمية الجديدة، عبر إصلاحات سياسية وإدارية وتحديث بنيته الدستورية بما ينسجم مع التوازنات الجديدة،
إما أن يبقى رهينة الانقسام الداخلي والرهانات الخارجية، ما يتركه عرضة لمزيد من الانهيارات.
ولا يمكن تجاهل أن ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان قد يرتبط بهذه المعطيات الإقليمية.
اختيار الرئيس المقبل قد يُبنى على توافق خارجي – داخلي يتناسب مع المرحلة المقبلة،
وقد يكون شخصية توافقية غير مستفزة لأي من المحاور، وتملك القدرة على إدارة التوازنات المعقدة.
لبنان والفرصة الأخيرة
قد تكون هذه التحولات، إذا أُحسن استثمارها، فرصة تاريخية للبنان للخروج من حالة الشلل السياسي والانهيار الاقتصادي.
فالتسوية الأميركية – الإيرانية، إذا ما تم التوصل إليها، ستحيّد الألغام الإقليمية من طريق الدولة اللبنانية،
وتفتح المجال أمام استعادة السيادة، وتفعيل دور المؤسسات، والانخراط في مشاريع الإعمار والتنمية.
لكن كل ذلك مشروط بقدرة الداخل اللبناني على التفاعل إيجابياً مع هذه التغيرات،
والتخلي عن منطق المحاور، والعمل على استراتيجية وطنية موحدة تضع المصلحة اللبنانية فوق كل اعتبار.
مخطط الشرق الأوسط الجديد ، هل يتم تنفيذه؟
عودة ترامب إلى الساحة السياسية ليست مجرد تغيير على مستوى القيادة الأميركية،
بل هي إشارة إلى مرحلة جديدة من السياسات الخارجية الأكثر اندفاعاً وتركيزاً على الحسم.
ولبنان، كغيره من دول المنطقة، مدعو إلى قراءة المشهد جيداً، والتقاط الفرص قبل فوات الأوان.
في ظل الصراعات المحتدمة والتحولات الكبرى، يبدو أن زمن التسويات الكبرى قد عاد.
فهل يستفيد لبنان من هذا التحول التاريخي، أم سيبقى ضحية تقاطع المحاور؟