دواء السكري الرخيص الذي قد يصبح سلاحاً واعداً ضد السرطان
مايو 9, 2025

في تطوّر طبي لافت، كشف موقع “Business Insider” الأميركي عن نتائج أولية مبشّرة حول دواء السكري الشهير “الميتفورمين”، الذي يوصف عادة لمرضى السكري من النوع الثاني، ويُطلق عليه بعض الأطباء اسم “الدواء العجيب”، إذ أظهرت دراسة حديثة إمكانية استخدامه كمكمّل علاجي لمحاربة سرطان القولون، أحد أكثر أنواع السرطان انتشاراً وصعوبة في العلاج.
دراسة واعدة في بداياتها
جاءت هذه النتائج في إطار عرض قُدّم خلال مؤتمر الجمعية الأميركية لأبحاث السرطان الذي أُقيم الأسبوع الماضي في مدينة شيكاغو، حيث يستكشف العلماء تأثير الميتفورمين على خلايا سرطان القولون المقاومة للعلاجات التقليدية. ورغم أن البحث لا يزال في مراحله التمهيدية، إلا أن نتائجه الأولية تفتح الباب أمام احتمالات جديدة في علاج هذا النوع من السرطان.
الدراسة تقودها الباحثة هولي لومانز-كروب، أستاذة في جامعة ولاية أوهايو والمتخصصة في الوقاية من سرطانات الجهاز الهضمي. وأوضحت لومانز-كروب في حديثها للموقع أن “الميتفورمين يُظهر نهجًا تكميليًا مثيرًا للاهتمام يمكن أن يعزز استجابة الجسم لبعض علاجات السرطان الحالية”.
مؤشرات سابقة على فعاليته
وتعزز الدراسة الجديدة ما أشارت إليه دراسات سابقة من أن الأشخاص الذين يستخدمون الميتفورمين لمرض السكري أقل عرضة للإصابة بسرطان القولون، مما يُشير إلى أن له تأثيراً وقائياً قد يكون قابلاً للاستغلال طبيًا. لكن الأهمية الكبيرة للدراسة الحالية تكمن في تركيزها على قدرة الدواء في محاربة الخلايا السرطانية بعد تطور المرض، وليس فقط في منعه.
بصيص أمل ضد السرطان المرتبط بجين KRAS
واحدة من النقاط الأكثر إثارة في الدراسة تتعلق بنوع من سرطان القولون يرتبط بتحوّر جين يُعرف باسم KRAS، والذي عادة ما يكون علاجُه شديد الصعوبة. وأشارت لومانز-كروب إلى أن فريقها لاحظ نتائج واعدة في زراعة الخلايا المختبرية، وقد يُستخدم الميتفورمين مستقبلاً كمكمّل علاجي يُضاف إلى بروتوكولات العلاج الحالية، حتى لو لم يكن كافيًا بمفرده للقضاء على المرض.
اختبار على الحيوانات قريباً
لا تزال التجارب محصورة في المختبر، إلا أن الباحثة تأمل أن يتم الانتقال إلى تجارب على الحيوانات في غضون عام، على أمل أن تُثبت النتائج فاعليتها وتُمهد الطريق نحو تجارب سريرية على البشر مستقبلاً.
ما الذي يجعل الميتفورمين مميزاً؟
الميتفورمين ليس دواءً جديداً، بل هو دواء عام متاح منذ عقود، يُستخدم من قِبل ملايين المرضى حول العالم. يتميز بانخفاض تكلفته، حيث يتراوح سعر الحبة الواحدة بين 10 و20 سنتاً فقط، ويُعرف بملف أمان ممتاز، مما يجعله مرشحاً مثالياً لإعادة استخدامه لأغراض طبية أخرى. تقول لومانز-كروب: “من المفيد دائمًا أن نسأل: هل هناك أدوية نعرفها ونستخدمها بالفعل، ويمكن إعادة توظيفها لعلاج أمراض أخرى؟”.
استخدامات محتملة تتجاوز السكري
الميتفورمين لا يُستخدم فقط لتنظيم مستويات السكر في الدم، بل خضع لأبحاث كثيرة تناولت قدرته على الوقاية من أمراض القلب، وتأخير مظاهر الشيخوخة، وحتى علاج بعض أنواع الخرف. ويُعتقد أنه يُساهم في تحفيز عملية “الالتهام الذاتي” في الجسم، وهي آلية طبيعية تُمكن الخلايا من التخلص من الخلايا القديمة أو التالفة وإعادة تدويرها.
ويأمل العلماء أن هذه الخاصية في “إعادة توجيه الطاقة” داخل الخلية قد تُسهم في منع الخلايا السرطانية من النمو والانقسام، مما يبطئ من تطور المرض.
الميتفورمين والشيخوخة الصحية
يتقاطع هذا البحث مع أبحاث أخرى حول دور الميتفورمين في تعزيز طول العمر والشيخوخة الصحية. ويؤكد الدكتور نير بارزيلاي، أحد أبرز الباحثين في مجال مكافحة الشيخوخة، أن آلية تحويل الطاقة التي يعتمدها الميتفورمين تُعد محورية، ليس فقط في الوقاية من السكري، بل أيضًا في محاربة السرطان والشيخوخة المبكرة.
خطوة نحو علاجات مستقبلية بسيطة وفعالة
مع ازدياد الاهتمام الطبي بالعلاجات الآمنة والرخيصة، قد يكون الميتفورمين مرشحًا لتغيير قواعد اللعبة في علاج سرطان القولون وغيره من الأمراض المزمنة. ولكن، كما يشير الباحثون، فإن النتائج الأولية واعدة لكنها بحاجة إلى المزيد من الاختبارات لتأكيد فعاليتها وسلامتها.
وفي ظل هذه المؤشرات، يبقى الأمل قائماً في أن يُسهم دواء متوفّر بين أيدينا منذ عقود، في علاج أحد أخطر أنواع السرطان وأكثرها انتشارًا، بتكلفة زهيدة وفعالية متوقعة.
هل ترغب بمقال بصيغة أكثر صحفية أو أكثر تحليلية حول الموضوع؟