ما هي مفاجأة ترامب للشرق الأوسط؟
مايو 8, 2025
تشهد الأوساط السياسية والدبلوماسية في الشرق الأوسط ترقّباً واسعاً لما وصفه الرئيس الأميركي السابق والمرشح الرئاسي الحالي دونالد ترامب بـ”الإعلان الهام للغاية”، والذي من المنتظر أن يُطلقه قبيل بدء جولته في المنطقة، التي تشمل زيارات إلى قطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، دون أن تتضمن حتى الآن محطة في إسرائيل.
إعلان غامض وتكهنات كثيرة
في تصريحات مقتضبة، ألمح ترامب إلى أن الإعلان سيكون “إيجابياً للغاية”، دون أن يقدّم أي تفاصيل عن فحواه، مكتفياً بالإشارة إلى أنه قد يصدر يوم الخميس أو الجمعة أو الاثنين المقبلين. هذا الغموض غذّى سلسلة من التكهنات في الأوساط السياسية والإعلامية حول محتوى الإعلان المرتقب.
تنوّعت التحليلات بين من رجّح أن يكون الأمر متعلقاً بانضمام دول عربية جديدة إلى اتفاقيات “السلام الإبراهيمية”، ومن اعتقد أن ترامب يخطط لإطلاق حزمة مساعدات اقتصادية مباشرة إلى قطاع غزة، أو أنه توصل إلى تفاهم مع إيران بخصوص نفوذها الإقليمي. وهناك من أشار إلى احتمال أن تعتمد الإدارة الأميركية رسمياً تسمية “الخليج العربي” بدلاً من “الفارسي” في السياسات الرسمية.
سكاف: ترامب يُكرّس نهاية مشروع إيران في المنطقة
في هذا السياق، قال النائب اللبناني غسان سكاف في حديث لـ”المركزية” إن ما يفعله ترامب الآن يحمل بُعداً استراتيجياً يتجاوز الإعلان العابر، معتبراً أن ترامب يأتي إلى المنطقة “بنفحة انتصار”، وذلك بعد سلسلة تطورات ميدانية وسياسية أدّت إلى انحسار نفوذ إيران وأذرعها في الإقليم.
ويشرح سكاف:
“نحن أمام مشهد يُكرّس نهاية المشروع الإيراني في الشرق الأوسط. من حماس في غزة، إلى حزب الله في لبنان، وسقوط النظام في سوريا، ثم الحشد الشعبي في العراق، وأخيراً استسلام الحوثيين في اليمن… جميع هذه المؤشرات تؤكد أن اليد الإيرانية باتت أضعف من أي وقت مضى”.
أميركا لا تسعى إلى القضاء على إيران بل إلى تحجيمها
بحسب سكاف، فإن واشنطن، سواء في عهد ترامب أو سواه، لم تكن تهدف إلى القضاء التام على إيران، بل إلى تحجيم نفوذها الإقليمي ونزع سلاح أذرعها العسكرية.
“الولايات المتحدة لا تريد حزب الله خارج المعادلة بالكامل، بل تريده ككيان سياسي بلا سلاح، والأمر نفسه ينطبق على الحشد الشعبي والحوثيين… المطلوب هو إضعاف القوة العسكرية التي تهدد أمن المنطقة، لا إزالة هذه الكيانات من المشهد”، يقول سكاف.
تطبيع محتمل بين السعودية وإسرائيل
من أبرز ما قد تحمله جولة ترامب للمنطقة، بحسب سكاف، هو بدء مشاورات جدية نحو تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل. فبرأيه، هذه الزيارة هي بمثابة المرحلة التمهيدية لسلسلة محادثات متوقعة قد تكون شاقة، لكنها تحمل بوادر تحول استراتيجي جديد في المنطقة.
ويضيف:
“هناك مناخ سياسي جديد قد يُبنى عليه لتحقيق تفاهمات عربية – إسرائيلية غير مسبوقة، وترامب يعرف كيف يستثمر هذا الظرف ويحوّله إلى إنجاز دبلوماسي ضخم في حال أعيد انتخابه رئيساً في 2025”.
ملف حزب الله وسحب السلاح: مهمة معقدة
حول ما يُحكى عن ضغوط أميركية لتسليم سلاح حزب الله، وخاصة بعد الزيارة الأخيرة للمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، التي نصحت اللبنانيين بالإسراع في تنفيذ المتطلبات الأميركية “قبل أن ينفد صبر ترامب”، اعتبر سكاف أن هذا الملف شائك ولن يُحسم بسهولة.
وأوضح:
“لا أعتقد أن تسليم السلاح سيتم بهذه السرعة التي يريدها الأميركيون. هناك تعقيدات كثيرة، والمباحثات ستتطلب ضمانات وشروطاً. والسؤال هنا: هل هذا السلاح يعود لإيران أم لحزب الله؟”.
إن كان السلاح إيرانياً، يرى سكاف أن الملف يجب أن يُدرج ضمن المفاوضات الأميركية – الإيرانية، وخاصة في الجولة الرابعة من المحادثات التي ستُعقد السبت المقبل. أما إذا كان السلاح بيد حزب الله وحده، فالموضوع يصبح لبنانياً ويُفترض أن يُدار من قبل اللبنانيين أنفسهم، برعاية رسمية وضمن مفاوضات داخلية.
مفاجأة ترامب… إلى أين تتجه الأمور؟
في ظل هذه المؤشرات، تبقى مفاجأة ترامب المنتظرة محط ترقب. فهل ستكون إعلاناً عن “نهاية المشروع الإيراني” فعلاً؟ أم خطوة جديدة نحو تطبيع سعودي – إسرائيلي؟ أم أنها مجرد عرض انتخابي جديد يستثمر فيه ترامب انتصارات متفرقة لصياغة خطاب سياسي قوي قبل الانتخابات؟
يبقى الجواب معلقاً حتى يُطلق ترامب مفاجأته، لكن ما هو مؤكد أن الشرق الأوسط يقف على أبواب مرحلة جديدة، ستُرسم ملامحها من خلال التحالفات التي تتبلور، والسقوف التي يُراد إسقاطها.