هل تغيّر الانتخابات النيابية المقبلة التوازنات الحالية؟

Telegram     WhatsApp

لبنان الذي ظلّ لسنوات مثالا او نموذجاً للعبة التوازنات الطائفية والسياسية المعقدة، يشهد اليوم تحولاتٍ قد تعيد تشكيل خريطة توازناته الداخلية بعد مرحلةٍ من الاختلال الواضح. فبعد الحرب الاهلية، تمّ بناء نظامٍ سياسيٍ قائمٍ على تقاسم السلطة بين الطوائف، مع ضماناتٍ تُحافظ على تمثيل كلّ مكوّنٍ دون سيطرة طرفٍ على آخر. لكنّ المشهد الحالي، خاصةً بعد تشكيل حكومة نواف سلام وانتخاب جوزيف عون رئيسًا للجمهورية، يُظهر ابتعادا عن هذه المعادلة، لصالح تحالفٍ يُعتبر خصمًا لحزب الله، ما أضعف التوازن التقليدي الذي كان يُهيمن على الحياة السياسية، وهذا لا يشمل فقط محاولة عزل الشيعة والتي لم تنجح بل انما اختزال التمثيل السني بأطراف غير ممثلة .

مؤخرا برزت هيمنةُ تحالفٍ سياسيٍ معارضٍ لحزب الله، مدعومٍ من قوى إقليمية ودولية، واستطاع هذا التحالف ان يحقّق تقدّمًا في تشكيل الحكومة ما أدّى إلى كسر التوازن القائم. لكنّ هذا الابتعاد قد لا يكون دائمًا، فالتوازنات اللبنانية قابلةٌ للتغيّر مع كلّ دورةٍ انتخابية، خاصةً في ظلّ النظام الطائفي الذي يفرض تحالفاتٍ متغيرة. الانتخابات النيابية المقبلة قد تشكّل منعطفًا حاسمًا، إذ يُمكن لحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز، أن يعمل على تعبئة قاعدته الانتخابية لضمان فوز جميع النواب الشيعة في الدوائر المخصصة للطائفة، كما أنّه قد يستعيد نوابًا من طوائف أخرى كان قد تنازل عن مقاعدهم سابقًا لحلفائه في تحالفاتٍ سابقة. هذا التحرك قد يُعيد للحزب كتلةً نيابيةً كبيرة، تُعزّز موقعه التفاوضي وتُعيد إليه دورًا محوريًا في صناعة القرار.

كذلك ثمّة متغيّرات إقليمية قد تؤثّر في المشهد اللبناني. فتراجع الزخم الاميركي في المنطقة، نتيجةً لسياساتٍ داخليةٍ أو انشغالاتٍ بأزماتٍ أخرى، قد يُقلّص الضغط الدولي على لبنان، ما يفتح المجال أمام قوى محليةٍ لإعادة تنظيم تحالفاتها بعيدًا عن التأثير الخارجي المباشر. هذا التراجع قد يُسهّل عودةَ نوعٍ من التوازن النسبي، حيث تلتزم الأطراف المحلية بحدودٍ لا يتجاوزها أيّ طرفٍ على حساب الآخر، كما كان الحال في فتراتٍ سابقة.

أما العامل الثالث في المعادلة، فهو إمكانية عودة تيار المستقبل إلى الواجهة السياسية، بعد سنواتٍ من التراجع. عودةُ هذا التيار، الذي يمثّل جزءًا كبيرًا من السنّة، قد تُعيد إحياءَ التحالفات التقليدية بينه وبين قوى مسيحيةٍ أو درزية وحتى الشيعية، ما يعيد “تعويم” المنظومة السياسية القديمة التي كانت تقوم على احترام التوازنات المتبادلة بين المكوّنات. فتيار المستقبل، إن استعاد حضوره، قد يُشكّل ضامنًا لعدم تفرّد أيّ طرفٍ بالسلطة، ويُعيد إنتاجَ معادلةِ “لا غالبَ ولا مغلوب” التي سادت بعد الحرب الأهلية.

 التوازن في لبنان ليس ثابتًا، بل هو نتاج تفاعلٍ ديناميكي بين إراداتٍ داخليةٍ وتأثيراتٍ خارجية. الانتخابات المقبلة، إلى جانب المتغيّرات الإقليمية وعودة بعض الأطراف التقليدية، قد تُعيد رسم خريطة التحالفات، وتُعيد للتوازن نسبيتَه التي طالما كانت ضامنةً لاستقرار النظام الطائفي الهشّ، رغم كلّ تناقضاته.


يحدث الآن

08:45
أفادت وسائل إعلام أميركية اليوم السبت، بأن كييف وافقت بنسبة 90% على خطة السلام في أوكرانيا، التي اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
08:41
مسؤول إيراني: نرفض خفض مخزوننا من اليورانيوم المخصب إلى ما دون المستويات المتفق عليها في اتفاق عام 2015
08:31
محادثات نووية مرتقبة بين واشنطن وطهران اليوم في روما بوساطة عمانية حيث يتوقع وضع إطار عام لاتفاق جديد
23:28
قنابل مضيئة في أجواء علما الشعب جنوبي لبنان
23:26
القناة 13 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية ترى أن الوقت ليس مناسبا لإعلان توسيع العملية خشية إلحاق ضرر بالمفاوضات
22:53
الخارجية الأميركية: ننصح مواطنينا بعدم السفر إلى سوريا نظراً للمخاطر الكبيرة التي تشمل الصراع المـ.سلّح.
21:21
قاسم: نرفض الوصاية الأمريكية على لبنان بشكل كامل
21:19
نعيم قاسم: على الدولة اللبنانية ان تبدأ بالالتزام بإعادة الإعمار
21:17
قاسم: اذا اتخذت الدولة اللبنانية اليوم قراراً أن تُخرج “إسرائيل” بالقوة وتفتح معركة نحن حاضرون أن نقاتل على الحدود.

حمل تطبيق الهاتف المحمول