البيان الوزاري… “يا حزب يا دولة”!

Telegram     WhatsApp

تغيّر الكثيرُ في لبنان في الأشهر الاخيرة، شكلا ومضمونًا… ومن أبهى تجلّيات الزمن الجديد هي الحكومة الجديدة التي يُعوّل عليه كثيرا والتي رسّخت معادلة جديدة بالنسبة للوزراء واختصاصاتهم وسيرهم الذاتية اللافتة. بعد الحكومة، تشخصُ العيون إلى البيان الوزاري المرتقب، والذي سيكون البوصلة التي تحدّد مسار الحكومة، ومصيرنا جميعا، خصوصا في ما يتعلق بعبارة “جيش وشعب ومقاومة” والتي لم تغب عن البيانات الوزارية للحكومة المتعاقبة… فأيّ بيان سيُكتب؟

يُعتبر البيان الوزاري للحكومات، برنامج عملها الذي ستعتمدهُ، وتعمل استنادا إليه لتحقيق أهدافها والمصلحة الوطنية، إلا ان البيانات الوزارية السابقة تضمّنت الكثيرَ من النقاط، كي لا نقول غالبيّتها، التي بقيت حبرا على ورق. ففي جردةٍ سريعة للبيانات الوزارية السابقة، تجدون قواسم مشتركة كثيرة، يمكن اختصارها بـ”وعود ورديّة” لا توفّر قطاعا، من الاقتصاد والصناعة، إلى الصحة وتأمين الطبابة للبنانيين، مرورا بالقضاء وبتأمين الطاقة الكهربائية، إلى خفض الدين العام ونقل الإدارات إلى مجالات التكنولوجيا.. والكثير الكثير.
الكثير من التطورات السياسية حالت دون تحقيق الكثير من برامج العمل، إلا أن القبضة التي كانت ممسكة بالدولة وبغالبية الوزارات كانت المسؤولة الاولى عن تفشي الفساد والفاسدين، ومنع المحاسبة التي تعتبر الركيزة الاولى لبناء الدولة الفاعلة والعادلة.

فعلى سبيل المثال، في البيان الوزاري لحكومة سعد الحريري التي تشكلت في اواخر 2016، وُعدنا بأن “تلتزم الحكومة بدء العمل فوراً لمعالجة المشاكل المزمنة التي يعاني منها جميع اللبنانيين بدءاً من الكهرباء وصولاً إلى المياه مروراً بأزمات السير ومعالجة الملفات البيئية وأبرزها مشكلة النفايات ومشكلة تلوث مياه نهر الليطاني. كما جاء في البيان يومها الآتي: “إن تحقيق النهوض الاقتصادي لا يكتمل إلا بتحسين وتوسعة شبكة الأمان الاجتماعية وتأمين حق الوصول للطبابة والتعليم لجميع اللبنانيين. وفي هذا المجال ستولي الحكومة اهتماماً خاصاً للشرائح الأكثر فقراً عبر استكمال البرنامج الوطني لمكافحة الفقر وتأمين التمويل اللازم لمكافحة الفقر المدقع على الأخص، وتأمين التعليم النوعي لجميع الأطفال الموجودين على الأراضي اللبنانية”.

كل ذلك لم يتحقّق منهُ شيء، لا بل تفاقمت المشاكل، فلا الكهرباء “شفناها” ولا “إجت الميّ”، ولا حُلّت مشاكلُ البيئة والنفايات، ومشكلةُ النقل لا تزال هي هي. أما النهوض الاقتصادي، فبقيَ حلمًا نتوارثهُ من حكومةٍ إلى أخرى، بلا جدوى.. مثله مثل الطبابة التي أنهكت اللبنانيين، وجعلت دخول المستشفيات أعجز من قدرة الكثيرين.

بالانتقال إلى البيان الوزاري لحكومة حسان دياب التي تشكلت بعد اندلاع ثورة 17 تشرين، فقد تضمّنت هي الأخرى، برنامجا طويلا لم يتحقق بغالبيته، انطلاقا من عزمه على “العمل على خفض الدين العام باتخاذ عدة تدابير، والسعي إلى تشركة بعض القطاعات العامة ذات الطاابع التجاري والاعتماد على مشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص”.

أضف إليه الكثير الكثير من البنود التي بقيت حلما جميلا، ومنها بالتأكيد الطاقة، حيث جاء في البيان الوزاري لحكومة دياب الآتي: “نحن الآن في حالة طوارئ تقتضي العناية الفائقة والسير بحلول سريعة واتخاذ إجراءات ضرورية وطارئة لتأمين التيار الكهربائي باستمرار وتصفير العجز بأسرع وقت ممكن،وبالتالي تخفيف عجز الموازنة وخفض الكلفة على المواطنين”.

من دياب وصولا إلى الحكومة الاخيرة التي ترأسها نجيب ميقاتي تحت عنوان “معًا للإنقاذ”… ومعها، لم يبقَ شيء إلا واحتاج إنقاذا، إذ سقطنا في متاهات كثيرة وصولا إلى الحرب الاخيرة. وفي بيانها الوزاري كان جاء الآتي: “لاعتماد برنامج إنقاذي قصير ومتوسط الأمد ينطلق من خطة التعافي بعد تحديثها مع إستئناف التفاوض الفوري مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى إتفاق على خطة دعم”، وذلك بالتأكيد مع وعود بتحقيق الإصلاحات ووضع حدّ للفساد… والبقية تعلمونها!

وعدت حكومة ميقاتي بزيادة ساعات التغذية في مرحلة أولى وتأمين الكهرباء للمواطنين في أسرع وقت والعمل على “تنويع مصادر الطاقة وأصول إعطاء أولوية للغاز الطبيعي والطاقة المتجدّدة، وإستكمال تنفيذ
خطة قطاع الكهرباء والإصالحات المتعلقة به مع تحديثها وإنشاء ما تحتاجه البلد من معامل لتوليد الطاقة الكهربائية بمشاركة القطاع الخاص، وإستكمال مشروع إستقدام الغاز الطبيعي عبر المنصات العائمة لتخزين وتغويز الغاز الطبيعي(FSRU (، وإعطاء الأولوية لتأمين إستمرارية تغذية مختلف المناطق بمياه الشفة ومعالجة الصرف الصحي والعمل على تحضير وإقرار المراسيم التطبيقية العائدة لقانون المياه”….

كما تضمّن بيانها الوزاري وعدا بالعمل على إنجاز “إستراتيجية التحول الرقمي مع خطتها التنفيذية بصيغتها النهائية العمل على إقرار قانون الحكومة الإلكترونية وإعتماد رقم وطني موحد لكل مواطن تزامنا مع العمل
على تأمين تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني”… كلّ شيء بقي على حاله، لا بل بات اجتماع الحكومة أمرا شبه مستحيل مع مقاطعة البعض وعدم تأمين النصاب.

اما الشق الاهم، فهو الذي يحوز اليوم على اهتمام كل اللبنانيين، وهو ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” التي حضرت في كل البيانات الوزارية مكرّسةً السلاح غير الشرعي للحزب، وحيازته قرار الحرب والسلم، وما الحروب التي أعلنت انطلاقا من أراضينا وعلى غفلة من الدولة اللبنانية إلا أبرز دليل على ذلك… فكيف وردت في البيانات السابقة؟

في حكومة سعد الحريري: “أما في الصراع مع العدو الإسرائيلي فإننا لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراضٍ لبنانية محتلة وحماية وطننا من عدو لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية وذلك استناداً الى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه، تؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزراع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة”.

في حكومة حسان دياب: “أما في الصراع مع العدّو اإلسرائيلي فإننا لن نألو جهدا ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراض لبنانية محتلة، وحماية وطننا من عدوّ لمّا يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية وذلك استنادا إلى مسؤولية الدولة ودورها في المحافزة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسالمة أبنائه. تؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتّى الوسائل المشروعة. مع التأكيد على الحق للمواطنات وللمواطنين اللبنانيين في المقاومة الإحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة”.

“كزّها” حسان دياب، مع إضافة كلمتين او اثنتين لا تغيّران بالجوهر شيئا، لتأتي من بعدها حكومة نجيب ميقاتي، وفيها ما يأتي: “التمسك بإتفاقية الهدنة والسعي لاستكمال تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، والدفاع عن لبنان في مواجهة أي إعتداء والتمسك بحقه في مياهه وثرواته، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي ورد إعتداءاته وإسترجاع الأراضي
المحتلة”.

ميقاتي غيّر بالصياغة وأبقى على المضمون، مضفيًا الشرعية الحكومية على “حزب الله”…

اما اليوم، فكلّ شيء تغيّر، والبيان الوزاري وخصوصا ما يتعلق منه بحماية الارض، هو لا بدّ مركز اهتمام اللبنانيين، لأن هذا التفصيل، هو المُختصر المفيد لكلّ البنود المتبقّية، لان بناء الدولة الحقيقية يبدأ من هنا… فإما نُكمل القراءة، او على الدولة والاحلام… السلام!


يحدث الآن

13:36
الحريري يزور الرئيس عون في قصر بعبدا عند الساعة الثانية
13:28
“أ ف ب”: وزير خارجية سوريا يؤكد أن حكومة جديدة ستؤلف مطلع الشهر المقبل
13:04
انتهاء جلسة استجواب حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة وقد تقدّم وكيله المحامي مارك حبقة بطلب إخلاء سبيل
12:21
جلسة الإستجواب الأخيرة لحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بدأت منذ ساعتين بحضور وكيله المحامي مارك حبقة ولا تزال قائمة حتى الساعة في ظلّ إجراءات أمنيّة مشدّدة
12:10
وزير الخارجية السورية أسعد الشيباني: نحترم لبنان كدولة جارة وسنكون إلى جانبه متى أراد ذلك
12:04
ميقاتي بعد لقائه الرئيس عون: بحثنا في الأوضاع الراهنة لا سيما الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب وتمنّينا التوفيق للحكومة الجديدة مع التأكيد على ضرورة تنفيذ وعودها وخطاب القسَم ونحن داعمون لها في هذا المسار
08:51
صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية: على مدار أكثر من عام، تمركزت قوات الجيش الإسرائيلي في معظم المباني العامة في المستوطنات الشمالية المُخلاة. تعرضت العديد من المباني لأضرار بسبب قصف الحز. ب، أو استخدام الجيش، أو نتيجة الإخلاء المفاجئ لمنطقة الشمال.

حمل تطبيق الهاتف المحمول