هل يُنهي ترامب الحرب في أوكرانيا؟


وكتب دو فيرنو في موقع “1945” أن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أكد خلال مقابلته مع تاكر كارلسون الشهر الماضي أن شروط اتفاق السلام الموقع مع أوكرانيا يجب أن تشبه تلك التي صيغت في إسطنبول، في نيسان 2022.

وكما لخص لافروف، تتضمن هذه الشروط “عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، وإنما ضمانات أمنية لكييف، يتم توفيرها بشكل جماعي بمشاركة روسيا”، والتي “لن تغطي شبه جزيرة القرم أو شرق أوكرانيا”، كما استشهد بوتين برفض الغرب لاتفاقات إسطنبول بصفتها جزءاً من خطة لإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا.

وتقدم رؤية نائب الرئيس جيه دي فانس لأوكرانيا فرصاً للحوار مع موسكو. برأيه، سوف تجمد الأطراف المتحاربة الصراع في حالته الحالية مما يعزز سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم والأراضي الشرقية لأوكرانيا مع إنشاء منطقة منزوعة السلاح لردع موسكو عن الهجوم مرة أخرى في المستقبل. وقد يقرن ترامب هذه الخطة باستمرار المساعدات العسكرية لأوكرانيا، إذا وافقت على التفاوض.

ويبدو أن هناك نقاطاً عدة يتفق فيها ترامب ومستشاروه مع بوتين، وهو ما يبشر بنهاية أسرع للصراع. ربما يتعلق التوافق الأكثر أهمية بانتفاء عملانية عضوية أوكرانيا في الناتو. كانت الولايات المتحدة ترسل المساعدات إلى أوكرانيا لعقود من الزمن، مع زيادة كبيرة بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، مما يشير إلى أن التمويل العسكري الأمريكي لأوكرانيا ليس العامل الأساسي، الذي استفز روسيا لغزوها.

لكن على النقيض من ذلك، وكما تؤكد التصريحات الروسية مراراً، أن التلميحات العلنية إلى أن عضوية أوكرانيا الأطلسية كانت قيد النظر مثلت السبب الرئيسي للصراع. وبما أن ترامب أعرب عن معارضته لعضوية أوكرانيا في الناتو، من شأن هذا أن يسهل المفاوضات مع موسكو.

ومع استمرار كييف في تحمل الخسائر الفادحة في منطقة دونيتسك، ومعاناتها لحشد الجنود الخبراء لمواجهة الهجمات الروسية، من غير المرجح أن يرغب بوتين بالتسرع في التوصل إلى اتفاق سلام.

ويدعم هذا موافقة الكرملين على زيادة تاريخية في الإنفاق الدفاعي، حيث من المتوقع أن تستمر حتى عام 2027. ويشمل هذا الإنفاق أكثر من مجرد تدفق مباشر للأسلحة إلى الخطوط الأمامية. سيغطي أيضاً رواتب أفراد الدفاع والتي لم يتم دفعها بشكل كافٍ دائماً منذ بداية الحرب.

وفي نهاية المطاف، إذا قدر بوتين أن موقفه في ساحة المعركة يصب لمصلحته، وأن الموازنة العسكرية لعام 2025 ستسمح له بتعزيز مكاسبه، فقد يحاول الانتظار قبل التوقيع على اتفاق سلام. ولن يتمتع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بنفس المرونة التي يتمتع بها نظيره الروسي عندما يتعلق الأمر بفرض جدول زمني خاص به للتسوية. مع ذلك، إن تداعيات أي حالة من عدم الاستقرار في أوكرانيا، عقب اتفاق سلام، يُغضب حاشية زيلينسكي ستكون ذات صلة بالنسبة إلى واشنطن.

وأضاف الكاتب أنه بعدما شنت روسيا غزوها ضد أوكرانيا، أصبحت الاتصالات الرسمية بين موسكو وواشنطن محدودة للغاية، مع استثناءات للمسائل العسكرية الطارئة، مثل الاستخدام الروسي الأخير لصاروخ أوريشنيك وتبادل الأسرى.

ومن المرجح أن يفسر الكرملين استعداد ترامب وفانس للتعامل مع روسيا بصفته علامة على إمكانية التوصل إلى نهاية مستدامة للصراع، تأخذ في الاعتبار مصالح كافة الأطراف. ويظل من غير الواضح ما إذا كانت حسابات بوتين هي أن الخسائر التي تكبدها في ساحة المعركة كافية لمواصلة التسوية، بدلاً من إطالة أمد الحرب.

وبما أن تعيينات ترامب تشير إلى سياسة خارجية أكثر تشدداً تجاه الصين، من مصلحته أن يرسخ علاقة أكثر استقراراً مع روسيا. ساهمت العقوبات الغربية الشاملة ومحاولات عزل روسيا عن المسرح الدبلوماسي في التقارب بين روسيا والصين. منح هذا بكين مصدراً موثوقاً للنفط والغاز، وهو عازم على تسريع التخلص من الدولرة، وجذب الجنوب العالمي بعيداً عن المؤسسات الغربية.

وقد لا تتغير طموحات موسكو الطويلة الأجل لتقويض النفوذ الأميركي في الخارج بشكل كبير نتيجة براغماتية ترامب، لكن يمكن تخفيفها. إذا نجحت إدارة ترامب بإيجاد حل للصراع الروسي الأوكراني يظهر استعدادها لإعادة فتح القنوات الدبلوماسية مع روسيا مع حماية أمن أوكرانيا عقب وقف إطلاق النار، فقد يساهم هذا بشكل كبير في التحول، الذي طال انتظاره من جانب واشنطن نحو آسيا.

وختم دو فيرنو كاتباً أنه مع مثل هذه المخاطر العالية بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وفي ظل وجود دولتين تدركان وطأة الحرب المطولة ــ لكنهما غير مستعدتين للقاء وجهاً لوجه تستطيع إدارة ترامب تحقيق السلام في الحرب الروسية. (الامارات 24)

زر الذهاب إلى الأعلى