بعد تسوية غزّة… هل تشتعل المنطقة في عهد ترامب؟


يبدو واضحاً من خلال التسريبات التي تُنقل عبر الإعلام الاسرائيلي وقيادات حركة “حماس” أنّ التسوية في غزّة باتت قاب قوسين أو أدنى في ظلّ ضغوط كبرى تمارسها الولايات المتحدة الاميركية على إسرائيل لإنهاء الحرب قبل وصول الرئيس الاميركي المُنتخب دونالد ترامب الى البيت الأبيض، وهذا الأمر يفتح الباب أمام تساؤلات كبرى حول السياسة والاستراتيجية الاميركية في المنطقة.

 ولعلّ كلّ ما يُشاع عن العهد الاميركي المُقبل وما سيرافق الرئيس ترامب من تصعيد لا يبدو واقعياً، فالسياسة التقليدية لترامب تجاه الشرق الأوسط باتت اليوم واضحة وتقوم بشكل أساسي على إنهاء المعارك في المنطقة والذهاب نحو استقرار سياسي شامل لتجنيب الولايات المتحدة الاميركية عمليات الاستنزاف التي حصلت في السابق. 

يريد ترامب عدم تكرار تجربتي 2001
و 2003 عندما غرقت واشنطن في مستنقع الشرق الأوسط بعد ظنّها بأنها انتصرت وباتت تسيطر عليه بالكامل. وهذا المُستنقع الذي انغمست في مشاكله التي امتدّت حتى العام 2006 في الحرب الاسرائيلية على لبنان ومن ثمّ الربيع العربي، أدّى الى قفز الصين في هذه المرحلة، ما حوّلها الى منافس كبير وخطير لأميركا، وهذا ما لا تريده واشنطن في المرحلة الراهنة حتى لا ينقلب الأمر ضدّها وتصبح معه العودة صعبة للغاية. 

لذلك فإنّ ما حصل في سوريا لم يكن متوقعاً لدى الادارة الاميركية الجديدة ولا يدخل ضمن حساباتها الاساسية، إذ بدت واشنطن غير مترقّبة لأي مشهد من الذي حصل في سوريا بالرغم من أنه في الشكل يصبّ في مصلحتها، حيث إنها عملياً كانت تفضّل التفاوض مع نظام الرئيس السابق بشار الأسد بعد إضعافه قبل الذهاب الى نظام حُكم جديد يؤخّر الاستقرار، وهذا ما لا تريده اميركا واسرائيل في سوريا، وما ينطبق أيضاً على المنطقة ككُلّ.

 من الواضح أيضاً أن الادارة الجديدة في واشنطن ستأتي بعد وضع حدّ للمعارك والحروب في غزة ولبنان، وهذا الامر من شأنه أن يجمّد الجبهة اليمنية ويعبّد الطريق أمام مفاوضات أميركية – ايرانية قد بدأت خيوطها تتكشّف في بعض الأروقة الدبلوماسية، ما يعني أن كل رهان عن أن فترة ترامب ستكون نارية في الشرق الاوسط هو رهان في غير محله ولن يصب عملباً في مصلحة أي فريق.

زر الذهاب إلى الأعلى