كيف يضرب التضخم أثرياء الامتيازات العالمية: ما وراء أزمة ماكدونالدز وبرغر كينغ

Telegram     WhatsApp
كيف يضرب التضخم أثرياء الامتيازات العالمية: ما وراء أزمة ماكدونالدز وبرغر كينغ

في مفارقة غير متوقّعة، بدأت ملامح أزمة اقتصادية جديدة تلوح في الأفق، لا تطال الفقراء فقط كما جرت العادة، بل باتت تهدد حتى أصحاب الامتيازات التجارية الكبرى، مثل سلسلة “ماكدونالدز” و”برغر كينغ”، اللتين لطالما اعتُبرتا رمزين للنجاح والثبات في عالم المال والأعمال. لكن هذه المرة، فإن السبب الجذري لا يتعلق بإدارات سيئة أو قرارات خاطئة، بل بتسارع معدلات التضخم عالمياً، وتأثيرها العميق على نمط الاستهلاك، خصوصاً بين الطبقات المتوسطة والمحدودة الدخل.

التضخم يغيّر قواعد اللعبة

في منشور مثير للجدل على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، كشف رجل الأعمال والكاتب الشهير روبرت كيوساكي، صاحب كتاب “الأب الغني والأب الفقير”، عن أن العديد من أصحاب الامتيازات الكبرى بدأوا يعانون من خسائر مالية كبيرة قد تؤدي ببعضهم إلى الإفلاس الكامل. والسبب؟ الارتفاع الحاد في الأسعار، والذي دفع المستهلكين للابتعاد عن الوجبات السريعة التي أصبحت خارج قدرتهم الشرائية.

يشير كيوساكي إلى أن وجبة بسيطة من “ماكدونالدز”، كانت في السابق خيارًا رخيصًا ومتاحًا للغالبية، باتت الآن تكلّف ما يتجاوز 10 دولارات في بعض الولايات الأميركية، وهو مبلغ لم يعد مبررًا لكثير من العائلات التي تحاول التقليل من النفقات. هذا التغيّر أدى إلى انخفاض الطلب على المنتجات الأساسية، مثل البطاطس المقلية و”البرغر”، لدرجة أن أحد كبار مورّدي البطاطس لماكدونالدز قد أعلن إفلاسه مؤخرًا، في خطوة تُعدّ مؤشراً واضحاً على عمق الأزمة.

من المتضرر الأكبر؟

بعكس ما قد يعتقد البعض، فإن هذه الأزمة لا تطال فقط الزبائن أو حتى الموظفين، بل تمتد إلى أثرياء الامتيازات، وهم الأفراد أو الشركات الذين يشترون حقوق تشغيل فروع العلامات التجارية الكبرى ضمن نظام الامتياز التجاري (Franchise). فهؤلاء، رغم ما يملكونه من أصول وعقارات، يعتمدون على تدفق نقدي ثابت من مبيعات الفروع. ومع تراجع المبيعات بنسبة تصل إلى 30% في بعض المناطق، بدأت الأرباح تتآكل، وأصبح البعض منهم غير قادر حتى على تغطية كلفة التشغيل أو الإيجارات، ما يهدد مستقبلهم المالي.

في هذا السياق، يقول كيوساكي:

“التضخم لا يهدد فقط الفقراء. اليوم، حتى الأغنياء الذين كانوا يظنون أنفسهم في مأمن، باتوا في مرمى النيران. الثروات الكبيرة بدأت تنهار، لأن قيمتها الفعلية تنخفض أمام ارتفاع الأسعار”.

تأثيرات عالمية وليس فقط في أميركا

رغم أن الظاهرة بدأت في الولايات المتحدة، فإن تأثيرها يمتد إلى دول أخرى تعتمد بشكل مباشر أو غير مباشر على الاقتصاد الأميركي. فشركات التوريد، والمصانع التي تصنع منتجات خصيصاً لسلاسل المطاعم الكبرى، والعمال، والموزعين، جميعهم يتأثرون بهذا الانخفاض في الطلب.

بل حتى في دول مثل لبنان، حيث تنتشر فروع لماكدونالدز وكنتاكي وغيرها، بدأت تظهر مؤشرات تراجع في الإقبال، بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع القوة الشرائية لدى المستهلك. ومع استمرار الأزمة الاقتصادية المحلية، فإن السلاسل العالمية أصبحت تواجه خيارين أحلاهما مرّ: إما تقليص النشاط أو رفع الأسعار أكثر، ما سيزيد من عزوف الزبائن.

الجانب الصحي… هل من إيجابية؟

من المفارقات التي يطرحها كيوساكي، أن هذا الانخفاض في الإقبال على الوجبات السريعة قد يكون مفيدًا صحيًا للطبقات الفقيرة، التي قد تجد نفسها مضطرة للاتجاه إلى خيارات غذائية أكثر بساطة وأقل تكلفة، مثل التفاح، والخضروات، والكرنب (الملفوف)، عوضاً عن البرغر والبطاطس. لكنه في المقابل، يرى أن الأثر الاقتصادي السلبي يفوق هذه الإيجابية الجزئية.

دعوة إلى التعليم المالي

يشدد كيوساكي على أن المعرفة المالية هي السلاح الحقيقي لمواجهة هذه التحولات. وفي تعليق لافت، أشار إلى أن النظام التعليمي الحالي في الولايات المتحدة، وتحديداً وزارة التعليم، لا تمنح الطلاب أي أدوات حقيقية لفهم الاقتصاد أو إدارة الأموال، معتبراً أن ذلك مقصود لإبقاء الأفراد في دائرة الاستهلاك والجهل المالي.

ويرى كيوساكي أن الفرصة الآن أصبحت سانحة للجميع، خصوصًا الشباب، لكي يتعلموا عن الذهب، والفضة، والعملات الرقمية مثل بيتكوين، ويبتعدوا عن الاعتماد المطلق على الوظائف أو المرتبات الثابتة، التي تفقد قيمتها بسرعة مع ارتفاع التضخم.

هل الحل في العملات الرقمية؟

ضمن رؤيته الاستشرافية، يشير كيوساكي إلى أن العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين، قد تشكل ملاذًا آمنًا في السنوات المقبلة، خاصة مع فقدان الثقة بالأنظمة النقدية التقليدية. ويقول إن البيتكوين “هو الذهب الجديد”، وعلى المستثمرين الأذكياء أن يفكروا فيه بجدية.

لكن في المقابل، لا يتجاهل كيوساكي المخاطر المرتبطة بالتقلبات الحادة للعملات الرقمية، ما يتطلب تعليماً ووعياً كبيرين قبل الخوض في هذا المجال.

دروس من الأزمة

في النهاية، ما يحدث الآن من اضطراب في قطاع الامتيازات العالمية هو جرس إنذار كبير، ليس فقط لرجال الأعمال، بل للجميع. فالعالم يتغيّر بسرعة، والقواعد الاقتصادية لم تعد ثابتة كما في السابق. التضخم، الذي طالما اعتبر مرضاً مزمنًا في الاقتصاديات الضعيفة، أصبح الآن يهدد حتى “المحصنين” بثرواتهم وعلاماتهم التجارية.

وإذا لم يتم تدارك هذه التحولات من خلال إصلاحات جذرية في النظام المالي، وزيادة الوعي المالي بين الأفراد، وتبني نماذج اقتصادية أكثر مرونة، فإن الآتي أعظم، وقد نشهد خلال السنوات المقبلة انهيارات أوسع في قطاعات أخرى كانت تبدو في السابق “محصّنة”.


يحدث الآن

15:41
ماكرون: الولايات المتحدة ستتولى الإشراف على تطبيق وقف إطلاق المقترح في أوكرانيا
15:33
الخارجية الهندية: وقف إطلاق النار مع باكستان سيبدأ الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي اليوم
15:17
وزير خارجية باكستان يؤكد اتفاق بلاده مع الهند على وقف النار فوراً
15:15
طيران حربي منخفض جدا فوق الجنوب
14:09
“الوكالة الوطنية”: دعا بري الى جلسة تشريعية قبل وبعد ظهر الخميس المقبل
13:47
الجيش الإسرائيلي: قصفنا محيط قاعدة رامات دافيد الجوية عن طريق الخطأ
13:33
“رويترز”: أعضاء الوفد الأميركي يغادرون مقر المباحثات التجارية مع الصين في جنيف
13:19
بعد إخلاء منزل في تمنين جراء اتصال مجهول أكدت الأجهزة الأمنية أن هوية المتصل لبنانية وبناءً عليه لا يبنى على التهديد
13:17
شهود لـ”رويترز”: الوفد الصيني يُغادر مكان المفاوضات التجارية مع أميركا في جنيف من دون أن يتضح ما إذا كانت ستستمر
13:13
لا صحة لوجود اي تهديد في عين بعال

حمل تطبيق الهاتف المحمول